الصحافة _ الرباط
تقدم البروفيسور “عز الدين الإبراهيمي” مدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط، بتوضيحات على صفحته الرسمية بفايسبوك، حول أسباب ارتفاع الحالات الحرجة المصابة بفيروس “كورونا” بالمغرب.
وفيما يلي نص مقال البروفيسور الإبراهيمي:
بكل هدوء … لماذا ارتفع عدد الحالات الحرجة بالمغرب؟
راجت مؤخرا الكثير من الفرضيات حول أسباب ارتفاع عدد الحالات الحرجة بالمغرب، وفي غياب الأرقام السريرية الدقيقة، يمكن أن نعدد الكثير من الفرضيات ونمحصها.
وفي البداية، وعكس ما تداوله الكثيرون، ففي الوقت الراهن كل الأبحاث الجينية والجينومية التي قمنا بها لا تشير إلى أي تنوع في الفيروس منذ وصوله للمغرب.
ففي البحث الذي ننشره هذا الأسبوع في مجلة الجمعية الأمريكية “للميكروبيولوجيا”، وكذلك في بحث آخر قيد النشر (لكل الفيروسات “المغربية”) لم نجد لحد الساعة أي اختلاف كبير للفيروسات الموجودة بالمغرب، ونوعياتها لا تختلف كثيرا عن الأنواع المنتشرة عالميا.
هذه النتائج تبين كذلك أن هذه الفيروسات تنتمي إلى الفصيلة ذات الطفرة G614 التي تتميز بشراستها في الانتشار كما هو الحال في جميع بلدان العالم.
وفي غياب الأرقام الوبائية المغربية الدقيقة يمكن تلخيص أسباب عدد الحالات الحرجة بالمغرب كالتالي:
أولا، مع رفع الحجر وارتفاع عدد المصابين وصل الفيروس إلى الفئة الهشة صحيا من مسنين والمرضى المزمنين التي كانت محمية خلال الحجر، وبما أنه ليس هناك استثناء مغربي فكثير من هؤلاء سيطورون حالات حرجة قد تؤدي للموت.
ثانيا، بما أن الفيروس والكوفيد صامتان في غالبية الأحيان ولا تظهر أي أعراض عند أكثر من 85 في المئة من المصابين فإن عدد الحالات المنعزلة والمعزولة تتزايد كثيرا، وتصل متأخرة إلى المستشفيات وفي حالات حرجة وتواجه خيار الموت.
ثالثا، بما أن الإصابات ارتفعت بين الشباب وبشكل مهول ولأسباب متعددة، فلزاما ستكون هناك حالات خاصة لهِؤلاء وذلك لأسباب ذاتية وآنية في مواجهة الفيروس، تجعلهم و رغم صغر سنهم يطورون حالات حرجة و ينقلون العدوى قبل ذلك لمخالطيهم في وضعية هشاشة.
رابعا، كان الكل يظن أن الفيروس سيتأثر بارتفاع درجات الحرارة ونسينا انها تؤثر أيضا على الجسد البشري وتنهكه، مما يجعل إصابات عادية بالفيروس تتحول إلى حالات يصعب علاجها، فما بالك بالنسبة للأشخاص في وضعية صحية هشة.
خامسا، في كل بلدان العالم تبقى الطاقة الاستيعابية للمنظومة الصحية من منشئات وتجهيزات و موارد بشرية عاملا أساسيا في الرعاية الصحية، و إذا ما استنفدت نصل إلى مرحلة “الانتقاء من أجل جدوى العلاج”، مما يجعل الفئة الهشة تهمش و تواجه مصير الموت رغم المشكل الأخلاقي المطروح بشدة في هذا الصدد.