محمد بنعيسى.. رجل الدبلوماسية والثقافة والسياسة يترجل عن صهوة الحياة

28 فبراير 2025
محمد بنعيسى.. رجل الدبلوماسية والثقافة والسياسة يترجل عن صهوة الحياة

الصحافة _ كندا

توارى أحد أبرز رجال الدبلوماسية المغربية عن المشهد السياسي والثقافي في لحظة بدت مفاجئة لكثيرين. انتشر النبأ سريعاً وسط حالة حزن وحدت الأوساط الرسمية والشعبية، مع تفاعل دولي يعكس قيمة الراحل ومكانته.

أعلنت وفاة محمد بنعيسى، السياسي والدبلوماسي المغربي المخضرم الذي شغل منصب وزير الخارجية، في خبر هزّ الأوساط الحكومية والثقافية.

تدهورت حالته الصحية بشكل مفاجئ في الآونة الأخيرة، قبل أن يُنقل إلى المستشفى العسكري في الرباط، حيث وافته المنية عن عمر ناهز الثامنة والثمانين. برحيله، يخسر المغرب شخصية جمعت بين العمل الدبلوماسي والمبادرات الثقافية العميقة، التي أثرت في مسار السياسة الخارجية المغربية وأسهمت في تعزيز حضور الثقافة المغربية على الساحة العالمية.

عانى بنعيسى من أزمة صحية متصاعدة خلال الشهور الماضية، ما جعله يغيب عن واجباته بصفته رئيساً للمجلس الجماعي في أصيلة، والتي تُعد مسقط رأسه.

وتفاقمت وضعه الصحي في الأسابيع الأخيرة، مما استدعى نقله بقرار عاجل إلى المستشفى لتلقي الرعاية اللازمة. وعلى الرغم من تدخل الأطباء وخضوعه لمراقبة دقيقة، لم تستطع التدخلات الطبية وقف التدهور الكبير في حالته. وفي الأخير،

وتُوفي متأثراً بمضاعفات مرضه، لتنطفئ بذلك شعلة دبلوماسي ومثقف أسهم على مدى عقود في تشكيل الهوية السياسية والثقافية للمغرب.

وقد امتدت مسيرة محمد بنعيسى في قطاع الخارجية المغربية لسنوات طويلة، بدأها بالانضمام إلى السلك الدبلوماسي ثم عُيّن وزيراً للخارجية والتعاون.

ولعب دوراً محورياً في تعزيز علاقات المغرب الدولية، وساهم في تطوير قنوات الاتصال والتفاهم مع دول كبرى. وتميّز أسلوبه الدبلوماسي بالانفتاح والتركيز على مدّ الجسور الثقافية، إيماناً منه بأن الدبلوماسية لا تنحصر في المفاوضات الرسمية فحسب، بل تتضمن القدرة على إبراز العمق الحضاري لأي أمة. وخلال فترة توليه المنصب، نُسب إليه فضل توسيع دائرة الشراكات الاقتصادية وتعزيز مكانة المغرب في المحافل الدولية، بفضل حضوره المؤثر وحنكته السياسية.

عُرف محمد بنعيسى بشغفه الكبير بالفنون والثقافة، وهو ما تجلّى بشكل واضح في تأسيس مهرجان أصيلة الثقافي الدولي، الذي انطلق قبل عقود كمنصة للتبادل الفكري والإبداعي. نجح هذا المهرجان في استقطاب مفكرين وفنانين من شتى أنحاء العالم، وأسهم في تحويل مدينة أصيلة من موقع ساحلي صغير إلى منارة ثقافية تستقطب الأنظار عالمياً.

واستطاع بنعيسى، من خلال هذا المهرجان، أن يجعل الحراك الثقافي جزءاً لا يتجزأ من الهوية المغربية، معززاً صورة المغرب في الأوساط الفنية والأكاديمية.

وفور إعلان وفاته، تقاطرت برقيات التعزية من كبار المسؤولين والشخصيات الوطنية والدولية. عبّر الكثيرون عن حزنهم لفقدان شخصية سياسية دؤوبة، حملت لواء الدبلوماسية المغربية وعاشت في خدمة المصالح الوطنية.

وعبّر سياسيون وأكاديميون عن أسفهم الشديد لرحيل رجل كان يجمع بين المواهب الإدارية والرؤية الثقافية.

كما تأثر الكثيرون في مدينة أصيلة، ممن اعتادوا ملاقاته في الفعاليات الثقافية. واستذكر سكان المدينة دوره في إحياء الأصالة وإدخال رؤى ثقافية عالمية أنعشت الحركة السياحية والفكرية، مؤكدين أن إرثه سيبقى حياً في قلوب الأجيال القادمة.

وتمثّل تجربة محمد بنعيسى في العمل الدبلوماسي نموذجاً لشخصية لا تكتفي بالحيّز السياسي، بل تتجاوز ذلك نحو بناء مشاريع ثقافية استراتيجية. سيبقى اسمه حاضراً في تاريخ المغرب الحديث، بفضل المهرجان الثقافي الذي أسّسه وعزّز حضوره سنوياً، ودوره في رسم معالم السياسة الخارجية.

ورغم رحيله المؤلم، تظل خبرته السياسية والثقافية شاهداً على إمكانية توظيف الثقافة لخدمة الدبلوماسية وتعزيز صورة البلدان. تلك البصمة الكبيرة هي ما ستتركه شخصية فريدة من نوعها، عبرت بالسياسة والثقافة حدوداً لم يعتدها كثيرون.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق