بقلم: محمد نجيب كومينة
كريم الزناگي، أخ ياسر الزناگي، وزير السياحة الأسبق وعضو الديوان الملكي المكلف بصندوق استثماري، حكم عليه بـ3 سنوات سجنا نافذا بعد تورطه في عملية نصب واحتيال ضحيتها مستثمر قطري. الاحتيال، حسب المعلومات المتوفرة عن القضية، تمثّل في رفع ثمن شراء فندق بمراكش من أقل من ملياري درهم، الثمن الذي دُفع للبائع، إلى 3 ملايير درهم التي طلبها أخ الزناگي من المستثمر، كما تمثل في استعمال الشخص المحتال لحسابه الخاص لتلقي ملايير المستثمر المحولة فعليا.
أكيد أن المستثمر القطري ما كان ليتعامل مع كريم الزناگي لو لم يكن على علم بموقع ونفوذ أخيه ياسر، المشرف على صندوق استثمار بأموال قطرية، وسيكون مستغربا لو أن ياسر لم يكن على علم بالعملية التي دخل فيها أخوه واستغرقت وقتا، وهمت معلمة فندقية بالعاصمة السياحية للبلد، وإلا فإن الوالي ومصالح الأمن والمخابرات لا تقوم بدورها أو تتحاشى نفوذ الزناگي أو تركت أخاه يفعل لتوريط المستشار أو أيضا لأن هذا النوع من النصب والاحتيال صار عاديا ومقبولا ولا يثير حفيظة أحد…
تُبيّن هذه القضية العلاقة الوثيقة بين النفوذ واستغلاله وبين الممارسات المتسمة بالفساد والنصب والاحتيال، التي تلحق أضرارا بليغة باقتصاد البلاد وبسمعتها، ذلك أن الأمر يتعلق بأخ مستشار ملكي، أي علاقة عائلية، تمكن من استغلال موقع ونفوذ واسم أحد أفراد عائلته كي يسرق أزيد من مليار درهم (10 ملايير سنتيم) دفعة واحدة من مستثمر أجنبي، غير عابئ بالقانون وغير خائف من نتيجة فعل السرقة!
ومن المؤكد أن هذا الحدث غير معزول أو استثناء، إذ إن من يستغلون مواقع ونفوذ أفراد عائلاتهم لممارسة النصب والاحتيال والارتشاء والسمسرة والتوسط وغير ذلك من الممارسات الفاسدة والمضرة بالاستثمار الداخلي والخارجي وبتنمية البلاد، هم كُثُر، ومن المؤكد أيضا أن البعض من هؤلاء يحظون بالحماية والتوقير وتتحاشى مختلف الجهات المعنية بتوقيفهم عند حدهم وحماية البلاد منهم، وتتجنب الاصطدام بهم خوفا من دفع الثمن…
أما صحافتنا، كما هي اليوم، فليست معنية، إلا من رحم ربك، لأنها منشغلة بالتصفيق للهولدينغ الحكومي الذي أسسه أخنوش، أو خائفة على الإشهارات المتحكم فيها، أو على مصادر التمويل، التي تفسد وتحارب حرية التعبير بطريقتها، وتفرض خطا تحريريا واحدا يقرّبنا من كوريا الشمالية وأوضاع الحزب الوحيد، في بلدنا الذي كان سباقا إلى إصدار ظهائر الحريات العامة سنة 1958.
جدير بالذكر أن هذا النوع من الممارسات ليس جديدا، ومادام الأمر يتعلق بمستثمر خليجي، فإنه لابد من التذكير بما حصل مع صندوق الاستثمار المغربي الكويتي، منذ عقود. كان الصندوق فاعلا مهما في تنمية بلادنا، ثم تعرض للنهب ولممارسات النصب والاحتيال من طرف مديره المغربي مصطفى العلوي، الذي كان محميا وفوق القانون وتحدى الدولة الكويتية الشريكة، مما حدا بها إلى الايحاء للبرلمان الكويتي بإحداث لجنة تقصي للحقائق حول الموضوع. وقد أعدت اللجنة تقريرا “خانزْ”، كشف المستور، وعملت على نشره في جريدة القبس الواسعة الانتشار عربيا، وقتئذ، وإلى الآن لم تزل آثار ما حدث في ذلك الوقت مستمرة إلى اليوم، ذلك أن الكويت كانت، منذ ستينيات القرن الماضي، أول مصدر خليجي للمساعدات والاستثمارات. ولم تعد كذلك بعد ما حدث!!!
الفساد مخرّب وخطورته لا تقل عن الإرهاب…