الصحافة _ وكالات
جاءت أنباء عن عزم العشرات من الجمهوريين من مسؤولي الأمن القومي السابقين العمل على تشكيل مجموعة معارضة لانتخاب الرئيس دونالد ترامب، مطالبة بالتصويت للمرشح الديمقراطي جو بايدن، لتضيف عامل إزعاج آخر لترامب، وذلك قبل أشهر قليلة من انتخابات الرئاسة التي تجري في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأشار استطلاع حديث للرأي، أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع وحدة دراسات الرأي العام بجامعة سيينا، إلى تفوق المرشح الديمقراطي جو بايدن بحصوله على 50% من أصوات المستطلعين، في حين حصل ترامب على 36% فقط من الأصوات.
ويعود تراجع ترامب بالأساس إلى تدهور المؤشرات الاقتصادية للولايات المتحدة بسبب تأثيرات فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” التي أدت لفقدان أكثر من 45 مليون أميركي لوظائفهم، وغلق قطاعات اقتصادية ضخمة.
كما يلقي الكثيرون باللائمة على أداء الرئيس ترامب في مواجهة جائحة كورونا التي نجمت عنها إصابة ما يقرب من مليونين ونصف المليون أميركي إضافة لوفاة أكثر من 125 ألف أميركي حتى الآن.
وكان موقف ترامب من المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها الولايات المتحدة عاملا مهما في اتخاذ الكثير من الجمهوريين موقفا علنيا معارضا له.
مواقف وتباعد
وشهدت الأشهر الأخيرة مواقف باعدت بين عدد من رموز الحزب الجمهوري وأعضاء بمجلس الشيوخ من ناحية وبين الرئيس دونالد ترامب من ناحية أخرى.
وبدأت حلقة الانشقاقات الجديدة في فبراير/شباط الماضي أثناء محاكمة مجلس الشيوخ للرئيس ترامب على خلفية استغلال سلطاته لتحقيق مكاسب شخصية من علاقة بلاده بأوكرانيا، وعرقلته أعمال الكونغرس.
وكانت البداية مع تصويت السيناتور الجمهوري من ولاية يوتا، ميت رومني، لصالح إدانة الرئيس، وهو ما لم يقبله ترامب الذي شن حملة على رومني من خلال حسابه على تطبيق تويتر، في حين تكفل حلفاؤه في الإعلام اليميني بصبّ جام غضبهم عليه.
وعلى إثر مقتل جورج فلويد بولاية مينيسوتا وأثناء المظاهرات التي عمت مئات المدن الأميركية غرد الرئيس ترامب واصفا المتظاهرين السلميين بالفوضويين وشبههم بالإرهابيين.
واستدعى هذا الأمر أن تعلن السيناتورة الجمهورية عن ولاية ألاسكا ليزا موركوفسكي، أنها غير متأكدة مما إذا كانت ستؤيد إعادة انتخاب الرئيس ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل أم لا. ورد ترامب بالتهديد بالسفر لولاية ألاسكا ودعم أي مرشح جمهوري منافس لها.
ثم انضم كولن باول، وزير الخارجية السابق العسكري صاحب التاريخ الطويل المتزعم للأصوات الجمهورية المعارضة لإعادة انتخاب ترامب، إذ أعلن عزمه التصويت لجو بايدن المنافس الديمقراطي لترامب.
ضجة واعتزام
وتزامن مع الضجة التي صاحبت نشر كتاب جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق، حول فترة عمله مساعدا رئيسيا لترامب لمدة 17 شهرا، زيادة الشكوك في قدرات وإمكانيات الأخير في التعامل مع تعقيدات القضايا الدولية.
وشرح تقرير لوكالة رويترز الإخبارية عزم العشرات من الجمهوريين ممن عملوا في أجهزة قطاع الأمن القومي الأميركي في السابق تكوين مجموعة عمل تقدم الدعم للمرشح جو بايدن.
وأضافت رويترز أن المجموعة ستدفع بأن استمرار ترامب أربعة أعوام أخرى في الرئاسة سيُعرض الأمن القومي الأميركي لمزيد من المخاطر وأنه ينبغي للجمهوريين أن ينظروا لبايدن على أنه خيار أفضل رغم الخلافات السياسية.
وكان لقرار ترامب دعوة الجيش الأميركي للتعامل مع الاحتجاجات التي شهدتها المدن الأميركية بسبب قتل شرطي أبيض بطريقة وحشية لجورج فلويد، الرجل الأسود غير المسلح، أثر في تراجع ثقة الناخبين -المستطلعة آراؤهم- بترامب.
عوامل جديدة
ولن يكون ابتعاد الكثير من الرموز الجمهوريين عن الرئيس ترامب شيئا غريبا عليه، إذ أقدم الكثير من كبار رموز الحزب للتكتيك نفسه أثناء حملة الانتخابية عام 2016.
وعبر 50 مسؤولا جمهوريا سابقا قبل أسابيع من انتخابات 2016 عن عدم ثقتهم في المرشح ترامب وعدم تمتعه بالمهارات والخبرة اللازمة للرئاسة، وحذروا من أنه سيكون “أخطر رئيس في التاريخ الأميركي”.
وذكر بيان صدر عن هذه المجموعة أن “ترامب ليس جاهلا في الشؤون الدولية والمخاطر التي تواجه الأمن القومي فحسب، بل إنه لا يبدي أي رغبة في التعلم”.
ورغم عدم تمتع ترامب بأي خبرة في العمل السياسي أو الحزبي، فقد ذلك فاز بالانتخابات عام 2016 حيث استطاع الترويج لنفسه كمرشح التغيير المقبل من خارج النخبة السياسية الأميركية الفاسدة.
لكن كل هذا تغير خلال الثلاثة أعوام ونصف العام الماضية، ولم يعد ترامب مرشح التغيير، ولم يعد دون سجل سياسي يمكن تقييمه والحكم عليه.
فخلال حكم ترامب تعرف الأميركيون، وعن قرب، على ترامب السياسي الذي يترأس أقوى دولة في العالم، والذي اتخذ الكثير من القرارات وتبنى الكثير من السياسات.
وعلى الرغم من ذلك، أظهرت المؤتمرات الانتخابية التي شارك فيها الرئيس ترامب خلال الأيام القليلة الماضية عدم تغير لهجة حملته الانتخابية عن مثيلتها عام 2016.
ولم يكترث ترامب لتغير الأوضاع داخل الولايات المتحدة بصورة دراماتيكية بسبب وباء كورونا والتوتر العرقي والتدهور الاقتصادي، وتجاهل سجل سنوات حكمه التي امتدت إلى أكثر من ثلاثة أعوام ونصف العام.
من هنا أكد بيان المجموعة الجمهورية المعارضة لانتخاب ترامب أن “الولايات المتحدة لا تحتمل أربع سنوات أخرى من حكم دونالد ترامب”.