بقلم: مراد بورجى
شجاعة كبيرة أن يعتذر “الوزير وهبي المنتظر” أمين عام حزب “الجرار إلى السجون” كما كان يصفه البعض لأمناء الأحزاب السياسية عن الجرائم التي ارتكبها قياديوا حزبه في السابق في حق هذه الأحزاب.
اعتذار الأمين العام الجديد لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي الذي مكنته الإنزالات من هذا كرسي، بعد انسحاب منافسيه احتجاجا، قدمه مبكراً للأحزاب وهو لم يستطع بعد الجلوس إلاّ على أقل من شبر من كرسي رئاسة هذه الأمانة العامة نظراً لكبر حجم هذا المقعد عليه.
و”الشجاعة” التي دفعت وهبي للإعتذار كان يكنها في صدره مند أيام الأمين العام السابق الشيخ بيد الله، الذي كان يحتمي به، ولم يكن يفارقه مثل ظله ليتحسس ويتجسس على خبايا الحزب ودواخله عله ينفد منه بسلطان.
وعندما عُين رئيسا لفريق حزب الجرار بدأ العمل السري بمغازلة رئيس الحكومة السابق بنكيران، ثم من بعده تيار الإستوزار داخل العدالة والتنمية.
وعندما أعد نفسه للسطو على أمانة الحزب، أشهر تقرُبه من حزب المصباح على حساب إمارة المؤمنين، “فأخرج عينيه في كاميرات الصحفيين” وأعلن موقفه منها الذي لم يسبقه له أحد وقال أن مؤسسة إمارة المؤمنين هي ليست إلاّ إسلام سياسي، مثلها مثل حزب البيجيدي في خرقا سافر للأعراف وللدستور.
وبعد السطو على كرسي الأمين العام هرول وهبي مسارعاً إلى مغفرة من الملك مستغلاً العرف الذي يُمكنه من طلب لقاءه.
وبعد الإستقبال الملكي خرج وهبي بخلاصة عبر عنها في تصريحه للصحافة “أنه والملك يجمعهما الإحترام المتبادل”.
وفي استخفاف بهذا كله، بذل أن يقدم وهبي الإعتذار لأمير المؤمنين ولمؤسسة إمارة المؤمنين ويسحب اتهامه هذا لها، كانت لعبد اللطيف وهبي الشجاعة لأن يُقدم الإعتذار لمن يعتقد أنه يستحقه، واختار الإعتذار لحزب العدالة والتنمية أولاّ، ثم للأحزاب السياسية الأخرى عن ما قد يكون بدر من قيادييه السابقين.
الغريب هو أنه لا أحد من هذه الأحزاب اهتم لا بوهبي ولا بإعتذاراته.
بل أن صقور حزب العدالة والتنمية التي تبغضه ردوا عليه اعتذاره، وكالوا له ولحزب الجرار الذي أصبح يُخاطبهم بإسمه إتهامات خطيرة اقترفها قياديوا هذا الحزب السابقين، وعلى رأسهم مؤسسه فؤاد عالى الهمة صديق أمير المؤمنين الذي نعته أفتاتي شخصيا في تدوينته.
وأن حامي الدين أو أفتاتي لا يقصدون بتدويناتهم إلياس العمري، فإلياس كان يتنطّع مستغلاً يافطة المخزن الذي أجلسه على كرسي الأمانة يوم أو بعض يوم، وبعد أن قضى به مآربه، أعاده لصغر حجمه، وأخرجه من ثقب باب مقر الحزب وكان من المبعدين.
واليوم وبعد أن كيّف حامي الدين تهم المتابعة، وأعلن شروط “العفو على حزب وهبي”، وقام أفتاتي وقال أن هناك شخص واحد في الحزب متهم، وهو من يجب محاسبته.
ولأن صديقنا أفتاتي خانته الشجاعة ليسمي فؤاد عالي الهمة بإسمه، فعلى وهبي الذي اعتذر أن يجيب على كل هذا، أو أن يلجأ للمحكمة كما يفعل دائما لتقول كلمتها في خطورة هذه الأفعال.
فعلى وهبي أن يفهم أن هذه الأحزاب السياسية التي اعتذر لها لا يُمكن أن تثق في مزاعمه هاته، خصوصا أنها تعرف أن وهبي انتفخ ريشه إبان قوة هذا الحزب، وأن وهبي هو جزئ لا يتجرئ من تلك المرحلة، ومن كل هذه الإتهامات.
فوهبي كان مدافعا شرسا عن هذا الحزب وقيادييه، وفي نفس الوقت كان يشغل رئيس فريق هذا الحزب بالبرلمان لسنوات، وتشبث بهذه الرئاسة أيُما تشبث، رغم أن إلياس ومن معه طردوه منه مرات عديدة.
كما أن وهبي كان عضو بالمكاتب السياسية لهذا لفس هذا الحزب أيضاً، ولكن بعدما غادرها الكثير من هؤلاء الرجال.
فكيف قبل عبد اللطيف وهبي على نفسه الإنتماء لحزب مثل هذا، حزب “التماسيح والعفاريت” متهم بارتكابه لكل هذا الإجرام. وكيف دافع وهبي عن حزب مثل هذا في كل المحافل ومجد قيادييه طيلة العشر سنوات التي ” أجرم فيها الحزب” ليأتي اليوم ويتنكر له ويلتمس باسمه الإعتذار.
كان على وهبي أن يستقيل من هذا الحزب بعدما اكتشف أنه بهذه المواصفات، ولا يجد نفسه اليوم يقدم اعتذارات للأحزاب طمعا في حقيبة وزارية زائلة.
وكل الأحزاب تعلم علم اليقين أن لا أحد من قياديي البام السابقين فوّض لوهبي أن يعتذر بذله، وأن لسان حال حتى الذين صوتوا له يقول: أن اعتذارات وهبي لا تُلزمه إلاّ هو.