الصحافة _ وكالات
توقع تقرير دولي أن تؤدي الأزمة الاقتصادية في المغرب، الناجمة عن وباء كورونا، إلى أن يصبح حوالي 10 ملايين مغربي فقراء أو معرضين لخطر الوقوع في براثن الفقر.
وأوضح التقرير، الذي صاغته ثلاث جهات دولية هي “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” و”لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا” و”البنك الدولي”، أنه في حالة اعتماد معدل القدرة الشرائية للأسر البالغ 5.5 دولار أمريكي (نحو 56 درهما مغربيا) في اليوم، فإن عدد المعرضين للوقوع في الفقر سيكون مرتفعا بشكل لافت ويرتفع إلى 27% في عام 2020. على اعتبار أن خط الفقر يقاس بمعدل إنفاق يومي للأسر لا يتجاوز 3.2 دولار (نحو 33 درهما مغربيا) .
وبحسب نفس التقرير، الذي حمل عنوان “التأثير الاجتماعي والاقتصادي لوباء كوفيد19 على المغرب”، فمن المتوقع أن “يسقط حوالي 300.000 مغربي إضافي في براثن الفقر، كما يمكن للتقلبات الاقتصادية أن تؤثر أيضًا على معيشة الفئة التي لها إنفاق استهلاكي أعلى بقليل من خط الفقر ويمكن لأدنى صدمة سلبية أن تدفع هذه الفئة إلى السقوط تحت خط الفقر”.
أزمة شاملة وعواقب اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة
إلى ذلك، توقع نفس التقرير أن يتضرر الاقتصاد المغربي بشدة من تأثير الركود الاقتصادي المرتبط بأزمة كورونا على الصعيد العالمي وفي أوروبا، الشريك التجاري الرئيسي للمغرب. بالإضافة إلى آثار انتشار الوباء محليا.
وقال التقرير “إن التأثير الصحي للوباء يتداخل مع المجال الاقتصادي ويترجم هذا التداخل بتحديات غير مسبوقة ومرهقة للبلد الذي يحاول التخفيف من الأثر الصحي والاقتصادي للوباء”.
ودعا التقرير الدولة المغربية إلى “تحقيق التوازن الصحيح بين تجنب الآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء مع ضمان استعداد الاقتصاد للتعافي بسرعة بعد انتهاء فترة الوباء”، لكنه في نفس الوقت توقع أن يعاني الاقتصاد المغربي بشدة هذا العام من التأثير السلبي لعدوى “انتشار الوباء في أوروبا وعلى الصعيد المحلي، إلى جانب الجفاف الحاد” الذي عرفه المغرب في نفس العام.
ركود لم يشهده المغرب منذ أكثر من عقدين
وفي توقعاته لنمو الاقتصاد المغربي وضع التقرير عدة سيناريوهات، من بينها “السيناريو المرجح أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سوف يتراجع بنسبة 1.5 في المائة على الأقل في عام 2020 ، وهو أول ركود يضرب المغرب منذ أكثر من عقدين من الزمن”.
أما من الناحية المالية، فتوقع التقرير أن يكون للأزمة “تأثير سلبي على وتيرة الضبط المالي وبالتالي على إجمالي احتياجات التمويل والديون”. وقال التقرير “من المتوقع أن يتدهور العجز في المداخيل الجبائية إلى أكثر من 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020”. وفسر التقرير العجز، في المقام الأول، من خلال ارتفاع الإنفاق الاجتماعي والاقتصادي المرتبط بأزمة كورونا، وانخفاض عائدات الضرائب، لا سيما الضرائب على الشركات.
ونتيجة لذلك، توقع التقرير أن “يصل الدّيْن العمومي إلى ذروته عند 73 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 ومن المتوقع أن يصل عجز الحساب الجاري إلى حوالي 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام”.
من جهة أخرى تنبأ التقرير بحدوث ” تباطؤ حاد في الصادرات وإيرادات السياحة وتحويلات مغاربة الخارج ، حيث يعطل الوباء نشاط التجارة وسلاسل القيمة العالمية. على الرغم من أن انخفاض أسعار النفط في عام 2020 سيقلل من نفقات استيراد الطاقة، إلا أنه لن يعوض بالكامل الآثار السلبية للوباء على صادرات السلع والخدمات. سيكون من الصعب تمويل عجز ميزان المدفوعات، حيث من المتوقع أن يتباطأ الاستثمار الأجنبي المباشر وترتفع كلفة المخاطرة في الأسواق المالية الدولية”.
العاملين في القطاع غير المهيكل.. الأكثر تأثرا
وأضاف التقرير أن الاقتصاد المغربي الذي يعتمد بشكل كبير على صادراته إلى أوروبا وعلى السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر، “سيعاني كثيراً إذا تعمق الركود المتوقع بشكل أكبر عالمياً وفي أوروبا. وسيعاني أيضًا إذا انخفض الطلب المحلي أكثر بسبب التوقف المطول للأنشطة لاحتواء انتشار الوباء وتأثيره على مداخيل المستخدمين والشركات.”
وقال التقرير إن من شأن الصندوق الذي بادر المغرب إلى إحداثة أن يخفف من الأثر الاقتصادي والاجتماعي للوباء، بما أنه “سيسمح بتخصيص منح مالية وإجراءات صحية تستهدف الأسر والشركات على السواء وهو ما سيساعد على تجنب الإفلاس بالنسبة لعدد كبير من الشركات و سينقذ من الضياع الكثير من مناصب الشغل”.
وتحدث التقرير عن ما وصفها بـ “المخاطر” الناجمة عن التأخير في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمالية، التي سيتم تأجيلها، معتبرا أنه “يمكنها أن تؤثر سلبًا على إمكانية التعافي وتعرض استقرار الاقتصاد الكلي للخطر، ولذلك من الصعب قياس الأثر الاجتماعي الشامل” .
ورجّح التقرير أن يكون أثر الأزمة منعكسا أولاً وقبل كل شيء على المشتغلين في القطاع غير الرسمي، غير المهيكل، وهذه هي الغالبية العظمى من المستخدمين المغاربة الذين يعملون عادة في القطاعات المعرضة للهشاشة أمام الوباء مثل السياحة والخدمات ( النقل وتجارة التقسيط) وكذلك على الحرفيين أصحاب المهن الفردية ، ومن لا يستطيعون العمل عن بعد، إلى أن تمس الأزمة في نهاية المطاف جميع القطاعات الاقتصادية المنظمة وغير المنظمة.