الصحافة _ الرباط
انكشف المستور عن ما يسمى بدعم “القضية الصحراوية” على مستوى أوروبا، التي تعمل وسائل الإعلام الجزائرية على النفخ فيها، اليوم الأربعاء، في مظاهرة نظمت ببروكسيل، وتم الترويج لها على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي، لكنها لم تستقطب سوى حفنة من الأشخاص عديمي القناعة.
لقد أضحى معروفا منذ مدة، أن “البوليساريو” فقدت موطئ قدمها في أوروبا، بعد اندحارها في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث كان لديها بعض المتعاطفين الذين يحنون إلى زمن الحرب الباردة، لكن اليوم في ساحة شومان ذائعة الصيت بقلب الحي الأوروبي ببروكسيل، كان المشهد مثيرا للشفقة: حفنة ضئيلة يعد أفرادها على أصابع اليد، فلم يكن حاضرا هناك حتى أعضاء اللجنة البلجيكية المزعومة “لدعم الشعب الصحراوي”، التي أطلقت دعوة التظاهر، هذا الأصل التجاري الذي يعود للحقبة الشيوعية ويديره عجوز بذيء يغترف من الصناديق السوداء للقنصليات الجزائرية، من أجل الإبقاء على الشعلة الفانية لـ “الكفاح الصحراوي” لدى أوروبا، من خلال ما يدعى بـ “الندوة الأوروبية للتضامن ودعم الشعب الصحراوي”. هذه اللعبة برمتها آلت إلى الانهيار.
وأمام هذه الصفعة المدوية، تساءل بعض الصحفيين الذين صدقوا الملصقات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، والذين جاءوا لتغطية “الحدث”، هنا وهناك، أين ذهب هؤلاء النواب البرلمانيون الأوروبيون، هؤلاء المتعاطفون المزيفون اللحظيون الذين تتشدق بهم “البوليساريو” والجزائر، والذين يدعون الدفاع عن “الحق في تقرير المصير” الشهير لـ “الشعب الصحراوي” المزعوم. لا شيء من ذلك.
ومع ذلك، فقد كان وجودهم مفيدا لمسيريهم وهيئات تحريرهم، بالنظر إلى أنهم أدركوا، كما كان عليه الحال في حلقة الكركرات، أن “البوليساريو” تبقي على الوهم، وتتقن فن التلاعب والتدليس، وذلك بمساعدة جهاز الدعاية الجزائري.
ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن هؤلاء الصحفيين لن يؤمنوا غدا بهذه اللقطات الضيقة، التي تستخدمها وسائل الإعلام الجزائرية بغزارة قصد إظهار وجود حشد في مظاهرة مؤيدة للانفصال بهذا البلد الأوروبي أو ذاك، أو صور الصراعات في اليمن أو أفغانستان، أو حتى ألعاب الفيديو لمعارك تقدمها الدعاية البوليسارية على الإنترنيت على أنها “ملاحم مجيدة” ضد جدار الدفاع المغربي.
وبعد أن تفوهوا ببعض الشعارات الباهتة أمام المارة المنهكين، غادرت حفنة الموالين لـ “البوليساريو”، الذين التقوا اليوم الأربعاء للتظاهر أمام المؤسسات الأوروبية المكان خالي الوفاض.
وعلى مقربة من مكان هذا التجمع، جاء شباب مغاربة يرفعون الأعلام عفويا للتعبير عن دعمهم لمغربية الصحراء، مرددين النشيد الوطني والشعارات الوطنية. صورة تذكر بملحمة الكركرات حيث تدخل الجنود الشجعان من القوات المسلحة الملكية بحنكة واحترافية، من أجل استعادة النظام بهذه المنطقة الإستراتيجية التي تعد بمثابة جسر بين المغرب وامتداده الإفريقي، هادئين، رصينين، ثابتين أمام الاستفزازات الصبيانية لـ “البوليساريو”.