الصحافة _ كندا
كشف عبد القادر اعمارة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عن ملامح سوق شغل مغربي آخذ في التبدل، حيث تفرض الأشكال اللانمطية من التشغيل نفسها كواقع جديد، لكنها في المقابل تفتح الباب على مصراعيه أمام تحديات قانونية واجتماعية غير مسبوقة.
وفي ندوة صحفية خصصت لموضوع “الأشكال اللانمطية للتشغيل”، سلط اعمارة الضوء على الطفرة التي يشهدها العمل عن بُعد، والتشغيل عبر المنصات الرقمية، وخدمات التوصيل، وتطوير البرمجيات، وغيرها من الوظائف المستجدة، والتي رغم ما توفره من مرونة وتكافؤ فرص، تفتقر في الغالب إلى التأطير القانوني والحماية الاجتماعية الضرورية، وتعمق مظاهر الهشاشة في صفوف فئات واسعة من العاملين.
واعتبر اعمارة أن هذه الأنماط الجديدة تُشكل فرصة لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتحفيز روح المبادرة والابتكار، خصوصاً لدى الشباب والنساء وذوي الإعاقة، لكنها في الوقت نفسه تُنذر بانزلاق نحو نماذج شغل غير مهيكلة، تفتقر إلى الأمان المهني والاستقرار الاجتماعي، بسبب غياب إطار قانوني ملائم، وحرمان عدد كبير من العاملين من التغطية الصحية والتقاعد، وصعوبة التوفيق بين الحياة الخاصة والمهنية.
وأمام هذا الواقع، دعا رئيس المجلس إلى تحيين مدونة الشغل لتستوعب هذه التحولات، من خلال إدراج صيغ واضحة للعمل الجزئي والعمل عن بعد، وضمان تمكين العاملين في هذه الأشكال من حقوقهم الاجتماعية والمهنية على غرار العاملين في الوظائف القارة، بما في ذلك الحماية من الحوادث والأمراض المهنية المستجدة المرتبطة بطبيعة هذا النمط من الشغل.
تحذيرات اعمارة تأتي في وقت لم تُبادر فيه الحكومة بعد إلى سن تشريعات تواكب التوسع المتسارع لهذه الأنماط التشغيلية، في ظل هشاشة بنيوية تطبع سوق الشغل المغربي، وتراجع مستمر في شروط العمل اللائق. وبينما يزداد الاعتماد على الرقمنة والمنصات في خلق فرص عمل، تظل الحقوق المهنية في هذه المجالات رهينة فراغ قانوني قد يفاقم من مظاهر التفاوت الاجتماعي والاقتصادي في السنوات المقبلة.