الصحافة _ كندا
تشهد الأغلبية الحكومية التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار حالة من التوتر البالغ، عقب التصريحات النارية التي أطلقها عادل بركات، القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة بني ملال خنيفرة، والتي هاجم فيها بشكل مباشر وزراء في الحكومة، وعلى رأسهم وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور ووزير الفلاحة محمد صديقي، المحسوبين على حزب “الحمامة”.
وبركات، الذي يشغل أحد أبرز مواقع المسؤولية الجهوية باسم حزب الأصالة والمعاصرة، لم يتردد في اتهام وزراء من حزب الأحرار بـ”عرقلة المشاريع” والتصرف بمنطق الحسابات السياسية الضيقة، وهو ما اعتبرته مصادر مطلعة “كسراً لصيغة التهدئة” التي ظلت قيادة “البام” تحرص عليها في تعاملها مع حلفائها في الأغلبية الحكومية خلال الأشهر الماضية.
التصريحات التي أطلقها بركات خلال لقاء حزبي صعدت من منسوب الاحتقان، حيث أكدت مصادر خاصة لـ”الصحافة الإلكترونية” أن قيادة التجمع الوطني للأحرار بصدد رفع تظلم رسمي إلى قيادة “البام” بشأن ما اعتبرته “مواقف مسيئة وغير مسؤولة”، تهدد وحدة الصف الحكومي وتُربك التنسيق بين مكونات التحالف الثلاثي.
ويأتي هذا التصعيد بعد أن اتهم بركات وزيرة السياحة برفض التأشير على اتفاقية تنموية ضخمة بقيمة 3 مليارات درهم رغم أن مساهمة وزارتها لا تتعدى 200 مليون درهم، متسائلًا عن جدوى الترويج للجهة كوجهة سياحية بينما الوزارة نفسها “تتنصل من التزاماتها”، على حد وصفه.
الهجوم لم يقف عند وزارة السياحة، إذ اتهم وزارة الفلاحة بغياب التنسيق والانفصال التام عن منطق الجهوية، معتبرا أن مشاريع التنمية الفلاحية تُقرَّر في الرباط وتُنزل على الجهات دون أدنى تشاور.
في المقابل، امتدح بركات عمل وزارة السكنى التي تقودها زميلته في الحزب فاطمة الزهراء المنصوري، مبرزًا أنها تتعامل مع الجميع دون تحيّز حزبي، كما نوّه بتعاون المكتب الشريف للفوسفاط، الذي وصفه بـ”الشريك الحقيقي” للجهة في عدد من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية.
هذه الخرجة، التي وصفتها مصادر من داخل التحالف بـ”الزلزال السياسي الصغير”، تعيد إلى الواجهة الهشاشة التي يعاني منها التحالف الثلاثي (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال)، وتطرح مجددًا سؤال الانسجام والتماسك الداخلي، خصوصًا في ظل ارتفاع حدة الانتقادات المتبادلة بين وزراء الأغلبية وأعضائها في البرلمان.
ويبقى الرهان في يد قيادة الأحزاب الثلاثة لاحتواء الأزمة، قبل أن تنفلت الأمور وتتحول تصريحات بركات إلى سابقة تعمّق الشرخ داخل الحكومة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تماسك سياسي يعزز الثقة في العمل العمومي ويحمي ورش الجهوية المتقدمة من الصراعات الحزبية الضيقة.