البحارة وقود تبييض وجه حرمة الله في “صفقة فاشلة” مع أخنوش

13 مايو 2025
البحارة وقود تبييض وجه حرمة الله في “صفقة فاشلة” مع أخنوش

الصحافة _ بقلم: الهيبة بكار

عاد محمد لمين حرمة الله، المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة الداخلة وادي الذهب، إلى واجهة الأحداث من بوابة البحّارة. الرجل الذي كان إلى وقت قريب أحد عناوين النفوذ الاقتصادي والسياسي في الجهة، قرّر أن يتقمص فجأة دور “المدافع” عن الفئات المهمشة، في محاولة مكشوفة لإعادة إنتاج ذاته بعد أن ضاقت به مساحات التأثير داخل الحزب وخارجه.

حرمة الله، الذي ظل طيلة سنوات واحداً من المستفيدين الأوائل من اقتصاد الريع البحري، يُقدّم اليوم نفسه وسيطاً اجتماعياً ومعبّراً عن مطالب الصيادين التقليديين، الذين يكافحون من أجل حقهم في الثروة البحرية. الملف المطلبي الذي طال انتظاره، وجد طريقه إلى رئاسة الحكومة لا عبر القنوات المؤسساتية الطبيعية، بل من خلال لقاء حزبي داخلي أراد له حرمة الله أن يكون لحظة عودة وتلميع، لا محطة نضالية خالصة.

عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، تلقّى الملف بنوع من البرود السياسي المعتاد، في مشهد لا يخلو من دلالات. أخنوش يدرك جيداً أن المنسق الجهوي لحزبه لم يعد ذلك الاسم الموثوق في الميدان، وأن وزنه الحقيقي تقلّص داخل التنظيم، كما في أوساط الساكنة. أما كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، فقد حضرت بروتوكولياً، دون أن تقدم أي تعهد ملموس، في ما بدا كاستكمال شكلي لمشهد تُحركه رهانات حزبية أكثر مما تحركه الاستجابة لمطالب البحّارة.

إن مدينة الداخلة تعرف محمد لمين حرمة الله أكثر مما يعرف نفسه. تعرف أنه حين كانت الثروة تُوزّع بالولاءات، لم يكن في صف البحّارة، وحين كانت الملفات تُدفن بالصمت، لم يكن صوتاً في الهامش. لذلك، فإن ظهوره المتأخر على مسرح الصيد التقليدي لا يُقرأ إلا في سياق أزمة سياسية شخصية يحاول التغطية عليها بافتعال دور منقذ اجتماعي. هو يدرك أن مكانته داخل الحزب باتت على المحك، وأن صورته في الشارع فقدت بريقها. فتحرّك مدفوعاً بهاجس البقاء، لا بوحي من ضمير سياسي.

ما يقوم به حرمة الله هو توظيف فجّ لقضية عادلة، من طرف شخصية فقدت الاتصال الحقيقي بالمواطنين. البحّارة لا يحتاجون لمن يتحدث باسمهم في كواليس الأحزاب، بل إلى من ينقل صوتهم بأمانة إلى مؤسسات الدولة. والمثير في هذه الواقعة أن الجهة التي طالما كانت رهينة المصالح الضيقة، لا تزال تُدار بعقلية المنسق الأبدي، الذي يعتقد أن الزمن السياسي في الداخلة متوقف عند أسمه.

المرحلة تحتاج إلى تغيير حقيقي في الوجوه والخطاب. أما من فشلوا في الوفاء بالتزاماتهم حين كانوا في ذروة السلطة والنفوذ، فلا يمكنهم أن يكونوا مفاتيح للإنصاف الاجتماعي اليوم. والواقع، كما ظهر في الداخلة، لا يُبشر بإرادة حكومية لحل أزمة البحّارة، بل يكشف عن محاولة حزبية لبعث حياة في رموز فقدت صلاحيتها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق