الصحافة _ كندا
في تطور مثير للجدل، فجّرت الجمعية المغربية للدفاع عن الحريات العامة وحقوق الإنسان موقفًا ناريًا ضد تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي، معتبرة أنها تشكل تهديدًا مباشرًا لجوهر الدستور ولأسس الشفافية والمساءلة في البلاد.
الجمعية، في بيان غاضب اطلع عليه موقع *نيشان*، عبّرت عن استيائها الشديد مما صدر عن الوزير خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، ووصفت دفاعه عن المادة الثالثة من مشروع قانون المسطرة الجنائية بمحاولة **”مفضوحة لإفراغ الدستور من مضامينه الديمقراطية، والحد من الرقابة المجتمعية”**، في خرق واضح لالتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان والحكامة الجيدة.
واعتبرت الجمعية أن تصريحات وهبي لا تخدم إلا ثقافة الإفلات من العقاب، وتحمل نية مبيتة لتقويض دور المجتمع المدني، وخاصة الجمعيات المدافعة عن المال العام، عبر تقييد تحركاتها وتجفيف منابع دورها الرقابي.
وأكدت الهيئة الحقوقية أن هذا التوجه خطير ويهدد بثقة المواطنين في المؤسسات، محذرة من “النتائج الوخيمة” التي قد تترتب عن محاولات التضييق الممنهج على الفاعلين الحقوقيين. ودعت جميع القوى الحية والهيئات الحقوقية إلى توحيد الصفوف لمواجهة أي تراجع عن المكتسبات الحقوقية والدستورية التي راكمها المغرب طيلة العقود الماضية.
وفي لهجة لا تخلو من التصعيد، حمّلت الجمعية الحكومة ووزارة العدل كامل المسؤولية في حماية حرية المجتمع المدني وحقه في المساهمة في محاربة الفساد، متعهدة بمواصلة المعركة القانونية والمؤسساتية من أجل “دولة الحق والقانون”.
وكان عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، قد فاجأ الرأي العام بتصريحاته الصادمة، معلنًا رفضه المطلق لأي تعديل قانوني يفتح الباب أمام جمعيات حماية المال العام لمقاضاة المسؤولين والمنتخبين، مشيرًا ساخرًا إلى أنه “قد يصوم ثلاثة أيام فقط إذا كان التعديل معقولًا”.
واستشهد وهبي بالنموذج الإسباني الذي يمنع بشكل صارم الجمعيات من تقديم الشكاوى ضد المسؤولين، في محاولة منه لتبرير موقفه المتشدد.
وكشف الوزير خلال عرضه أمام اللجنة البرلمانية أن النيابة العامة توصلت بين 2021 و2024 بـ106 شكاوى من جمعيات، تم حفظ 31 منها، فيما لا تزال 61 قيد البحث، و8 في طور التحقيق، وأُحيلت 8 أخرى على المحاكمة. كما تلقّت 259 شكاية ضد رؤساء جماعات بين 2020 و2024، حُفظت 112 منها، و132 قيد البحث، و5 فقط وصلت إلى القضاء.
وفي هجومه على ما وصفه بـ”حملات التشهير”، اتهم وهبي بعض الجمعيات بعقد ندوات صحفية لتوجيه اتهامات دون أدلة، مما يضر بصورة المسؤولين السياسية والاجتماعية، مضيفًا أن هذه الممارسات تصنع “مسارًا قضائيًا موازيًا”، تُستهدف فيه شخصيات معينة بدوافع سياسية ومالية.
وفي خطوة مثيرة للقلق، أعلن وهبي أن الحكومة تدرس تمتيع رؤساء الجماعات بـ”امتياز قضائي”، وهو ما قد يُعد درعًا قانونيًا جديدًا ضد المتابعة والمساءلة.