الصحافة _ كندا
مرة أخرى، يثبت محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أن الشعبوية أصبحت السلاح الوحيد في جعبته، بعدما اختار في لقاء صحفي بمؤسسة الفقيه التطواني، يوم أمس الثلاثاء 04 مارس الجاري، توجيه إهانة مباشرة لمجلس المنافسة، واصفًا إياه بـ”مجلس المقاعسة”. هذا الوصف ليس مجرد زلة لسان، بل هو إساءة مباشرة لمؤسسة دستورية ينظمها الفصل 166 من الدستور المغربي، وهو ما يكشف عن خلل خطير في فهم العمل المؤسساتي والمسؤولية السياسية.
مجلس المنافسة ليس تجمعًا عشوائيًا حتى يُوصف بهذه العبارات المبتذلة، بل هو هيئة دستورية قائمة بذاتها، تضطلع بمهمة ضبط المنافسة وحماية السوق من الاحتكار والممارسات غير المشروعة.
كما أن التشكيك في أدائه أمر مشروع في إطار الممارسة الديمقراطية، لكن تحويله إلى موضوع للسخرية والاستهزاء هو انحراف عن قواعد العمل السياسي المسؤول. فهل يعتقد أوزين أن تصعيد خطاب المزايدة والتبخيس هو السبيل الوحيد لاستعادة موقع سياسي مفقود؟
إن مثل هذه التصريحات تكشف عن أزمة عميقة داخل بعض الفاعلين السياسيين الذين، بدل تقديم مقترحات جادة داخل المؤسسات التشريعية، يلجؤون إلى خطاب الإثارة بغرض تحقيق مكاسب إعلامية ظرفية.
فهل نسي محمد أوزين أن حزبه كان شريكًا في الحكومات السابقة، وكان له من الوقت ما يكفي لمراجعة الأطر القانونية المنظمة لسوق المحروقات؟ أم أن ذاكرة المسؤولين الانتخابيين لا تنشط إلا حين يجدون أنفسهم في صفوف المعارضة؟
إن السياسة ليست مباراة في رمي الاتهامات، وليست ساحة لتوزيع النعوت المجانية، بل هي مسؤولية تقتضي احترام المؤسسات والعمل على تقويتها، لا إضعافها عبر خطابات سطحية لا تخدم سوى تأجيج الشعور بانعدام الثقة في الدولة.
وإذا كان محمد أوزين جادًا في انتقاد سياسات الأسعار، فالمطلوب منه تقديم حلول ملموسة عبر القنوات التشريعية، لا استعراض مهاراته في البحث عن عناوين مثيرة للجدل.
الدولة لا تُدار بالخطابات الشعبوية، ولا المؤسسات تُهدم بكلمات جوفاء، ومن يعتقد أن الطريق إلى دخول “حكومة أخنوش” يمر عبر تحقير المؤسسات، فإنه يبرهن فقط على عجزه عن ممارسة السياسة بمسؤولية ورؤية.