بوليساريو تبحث عن ثقة مفقودة بنواكشوط

31 مارس 2021
بوليساريو تبحث عن ثقة مفقودة بنواكشوط

الصحافة _ وكالات

حملت الأشهر الماضية، منذ محاولة بوليساريو إغلاق معبر الگرگرات، الكثير من التحولات التي أثرت في سير الأحداث، بشكل جعل قيادة الرابوني تدخل مرحلة غير مسبوقة من الريبة و التوجس من مواقف موريتانيا، التي باتت تُطور نهجا جديدا في التعامل مع محيطها، خصوصا بعد ما تولد عن إغلاق المعبر من تهديدات لأمنها القومي، وما تلا ذلك من استفزازات وصل صداها إلى مداشرها الشمالية. و هوما دفع قيادة بوليساريو إلى إيفاد وفود كان آخرها تحت رئاسة البشير مصطفى السيد، في محاولة لاستمالة نواكشوط، التي لم تعد تنظر بعين الرضى لما تقوم به بوليساريو على حدودها الشمالية، وتعدت ذلك باتخاذ إجراءات تضع حدا للتسيب الذي كانت تستفيد منه الجبهة، لتمارس أنشطتها على التراب الموريتاني دون منغص.
وقد بدا للجميع كيف أن الموقف الموريتاني أظهر للبشير مصطفى السيد و رفاقه أنهم ضيوف غير مرحب بهم بنواكشوط، فيما يستبطن سخطا من المؤسسات الرسمية تجاه رعونة البوليساريو إبان غلقها لمعبر الگرگرات.
فأن ينتظر وفد بوليساريو أياما بفنادق نواكشوط دون أن يجد تفاعلا إيجابيا من السلطات الموريتانية، يُعد في حد ذاته إشارة لتحول في مواقف الرئيس الغزواني، و حزما في تعامله مع الأنانية السياسية لبوليساريو التي كانت تمارسها إبان حكم محمد ولد عبر العزيز. و لولا الضغط الذي مارسته السفارة الجزائرية بنواكشوط، و تعبئة مجموعة من القنوات الرسمية، بما فيها العسكرية بالجزائر من أجل استقبال وفد بوليساريو، ما كان لبيشير سيجد أذانا صاغية لدى الموريتانيين.
و فيما يندرج ضمن محاولة من بوقادوم جس نبض الجانب الموريتاني تجاه تحركات بوليساريو، حركت الجزائر سفيرها بنواكشوط للخروج عبر منابر إعلامية هناك، لكي يحذر موريتانيا من الخروج عن مواقفها، رابطاً أمنها بحسن علاقاتها مع الجزائر حسب تصريحه لموقع الأخبار، شكلا من أشكال الضغط الدبلوماسي، الذي سبق الدفع بوفد البشير الذي انطلق من العاصمة الجزائر صوب نواكشوط، و هو يحمل معه رسائل صيغت داخل مكاتب الاستخبارات الجزائرية.
إرسال البشير نحو نواكشوط، مرفوقا بالنانة لبات الرشيد التي كانت تلعب دور المُغازل للنخب الموريتانية قصد استدرار دعمهم للجبهة، جاء في ظرف لم تعد معه بوليساريو تجد أي تعاطف شعبي في الأوساط الموريتانية، التي استنكفت عن الاستمرار في التغاضي عما قامت به قيادة الرابوني من تحركات رعناء في الگرگرات، أظهرت وجهها القبيح الذي كان يتدثر لعقود بذرائع إثنية، لتبرير استغلالها البشع لصمت السلطات الموريتانية، بشكل وصل حد إلحاق الضرر بالمعيش اليومي للموريتانيين.
غير أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر، و لم تعد النانة لبات الرشيد تنعم بالترحيب لدى أصدقائها من الموريتانيين الذين كانت أبواب بيوتهم مشرعة في وجهها، قبل أن تسقط عنها ورقة التوت، و تنكشف حقيقة مغازلاتها و ابتساماتها المسمومة.
غير أن الجانب غير المعلن من زيارة البشير ووفده لموريتانيا، هو اللقاء السري الذي جمعه بمسؤول دفاع حركة إنقاذ الأزواد المسمى البشير عبد الحي، الذي كان خطيب أحد المساجد بمخيم أوسرد بمخيمات تندوف ورجل التواصل بين الاجهزة الجزائرية و المجموعات الأزوادية المسلحة، قبل أن ينتقل إلى الجزائر ثم ليبيا، ليستقر به الأمر بشمال مالي، حيث قاد عملية الإنشقاق الأخيرة في صفوف الحركات الأزوادية.
و قد أبدى الداه للبشير، استعداده لدعم الجبهة ضد المغرب، من خلال تعبئة العشرات من المرتزقة المسلحين من منطقة الساحل. ويكرس هذا اللقاء مدى تحول البوليساريو الى ذراع للمخابرات الجزائرية من أجل التلاعب بالحركات المسلحة في منطقة الساحل كما يدل على ذلك انشقاق حركة إنقاذ الأزواد عن الحركة العربية بقيادة بلال أغ شريف، وافتتاح مكتب لها بنواكشوط، يشرف عليه سيلوم ولد الخرشي و تموله الأجهزة الجزائرية.
تُدرك بوليساريو أن التحول في مواقف موريتانيا قد بات يخنق تحركاتها و يَحُد من هامش المناورة لديها. ومع عدم المبالاة الذي تلقاه أقصاف بوليساريو الخيالية، و استحالة تحقيق تغيير على الأرض لصالحها، خصوصا و أن الجيش المغربي قد أثبت قدرته على تحصين وجوده، تحقيق تقدم كبير في ترسيخ نفوذه بعد أن أغلق كل المنافذ على ميليشيات الجبهة، لم يجد غويلي بدا من بعث وفده لنواكشوط، لعله يتدارك الأعطاب التي نجمت عن تهور أتباعه في الگرگرات، ذلك أن الجيش الموريتاني لم يعد يبدي تسامحا مع أي تحركات لهاته الميليشيات على ترابه. و لم تكن المناورات الأخيرة بتيرس زمور إلا رسالة يبعثها “بمب ولد مكت” لثكنة بن عكنون و قيادة الرابوني، بأن أي استفزاز لموريتانيا في الشمال، سيقابل بالشدة و الحزم اللازمين.
لا شك أن المتابع للواقع الذي تعيشه جبهة بوليساريو، يدرك جيدا أن نهايتها الوشيكة، هي نتيجة حتمية للشطحات التي تمارسها منذ مغامرة قطع الطريق أمام الحركة المدنية بمعبر الگرگرات، و ما أعقبها من تداعيات على الأمن القومي لدول الجوار.

المصدر: الصباح

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق