مايسة سلامة الناجي تكتب: الملك مريض، مايسة “قودتيها”!

30 سبتمبر 2019
مايسة سلامة الناجي تكتب: الملك مريض، مايسة “قودتيها”!

الصحافة _ مايسة سلامة الناجي

يوم الأربعاء ليلا وأنا على متن سيارة أجرة أثار السائق انتباهي إلى كثرة الإنزال الأمني بالرباط معلقا أن الملك مريض ومردفا أن الحديث عن مرضه مدعاة للعقاب.. وكأي رباطي قلت في نفسي: “هادا بوليس”. أصبت بوعكة جراء الخبر سأشرح حيثياتها، واتصلت بأكثر من 6 أصدقاء في نفس الليلة إلى غاية الواحدة صباحا أتساءل إن كانت لديهم أي معلومات، وأغلبهم ربط ما يقع من إنزال أمني بخبر استبدال جهازي الأمن والدرك بجهاز العسكر لحراسة القصر الملكي، وأنها محاولة أمنية لتكثيف عملها الميداني والإعلامي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وإنهاء ربما غضبة ملكية (…) وأن الملك بخير كون خبر لقائه برئيس الحكومة سعد الدين العثماني لأجل تسريع وثيرة التعديل الحكومي لم يمر عليه يومين. اليوم يصدر بلاغ من الديوان الملكي يؤكد إصابة الملك محمد السادس بالتهاب الرئتين الفايروسي الحاد.. وأن ولي العهد الأمير مولاي الحسن سيخلفه لحضور جنازة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.

في البداية رفضت الحديث عن الأمر من منطلق أنه شأن إنساني محض لمحمد السادس الإنسان داعين له بالشفاء العاجل، فعموما لا يحضر ملوك العلويين للجنائز، ثم أن العلاقات بين باريس والرباط ليست على ما يرام (..) ثم تجاوز الأمر البعد الإنساني نحو البعد الشخصي وفكرة أنني أنا شخصيا، المدونة المزعجة مايسة سلامة الناجي، إن أصيب بشيء لاقدر الله: “قودتها”! ولا أملك أي حجة أو دليل عدا حدس داخلي أن من يتربصون بي لن يتركوني بعده وشأني، وأن كلمة “سكتوا علينا داك الزمر” من هذا أو ذاك وأنتهي جنب هاجر الريسوني! رغم أن أول مبدأ يلقنه لك رئيس تحرير وأنت تمده بمقال رأي هو أن “الملك خط أحمر”، شيء ما شفع لي خلال 11 عاما من الكتابة وتجاوزت هذا الخط نحو انتقاد خطاباته وسفرياته وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعليق: “علاش كولشي كيتحبس وبقيتي غير انتي”، وأنا أعلم في قرارة نفسي أن حسن نية اتجاه شخص الملك محمد السادس غلب نقمتي على طرق تدبير البلاد. حسن نية جعلني أرى ما لا يراه كثيرون ممن قد يعمي أبصارهم حقد يتصرف بشكل شخصي محض، مثلا كنية محمد السادس شهر يونيو الماضي لحل ملف معتقلي الريف حين فعل ثلاثة خطوات: 1 ـ تغيير رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بامرأة، السيدة أمينة بوعياش، ما يعني محاولة ضخ جرعة تفهم وليونة. 2 ـ أول ما فعلته السيدة بوعياش هو التواصل مع عائلات المعتقلين أولهم أحمد الزفزافي والد ناصر الزفزافي في خطوة نحو المصالحة، على يقين تام أنه ليس بقرارها الشخصي إنما رغبة فوقية لحلحلة الملف. 3 ـ نشرها تصريحا مفاده أن لا وجود لمعتقلين سياسيين بالمغرب وأن هؤلاء الشباب معتقلو احتجاجات عفوية، قصد تبسيط التهمة وإطلاق سراحهم بعفو أو براءة ـ غير أن جموع المناضلين الأشاوس لقنوا السيد أمينة بوعياش درسا لن تنساه حول عبارة “معتقل سياسي” وذهبوا إلى عطلة العيد الكبير فالعطلة الصيفية تاركين الشباب في غيابات السجن! وتساءلت بتعجب كيف لهم أن يهملوا هذه الإشارات القوية أم أن الأمر متعمد، وكأن الأمر هو تحدي مع المخزن حول الألقاب لا رغبة في إطلاق سراح الشباب!
مثل هذه المبادرات الملكية قد لا يستقبلها عدد من المعارضين أو المنتقدين وقد يبخسوها ويسممون نواياها.. وقد أستقبلها أنا بصدر رحب وتكون لي شفيعا حين أتخطى خطوطا لا يقدرها أغلبهم. وحسن النية هذا لن يشفع لي حين نتحول من دولة ملكية إلى دولة البوليس.

نعم دولة البوليس، فبعد المسألة الإنسانية والشخصية، تأتي المسألة السياسية من مرض الملك.. وغيابه أو ضعف تواجده أو ضعف متابعته لما يقع لا يخدم موقفنا نحن من نطالب بالديمقراطية، وبرؤوس من وردت أسماؤهم في تقارير رئيس المجلس الأعلى للحسابات وننتظر تنزيل مضامين خطاب العرش بحذافرها، التي توعدت كل من عُرف في حقه إهمال وأو فساد بالمحاسبة والإقالة. من سيحاسبهم في دولة مؤسساتها معدومة السلطة، حكومتها وبرلمانها مسيرون بالتعليمات، مسؤولوها يُقتلون القتل المعنوي بتقرير أمني جنسي واحد، وقضاؤها هو محمد عبد النبوي رئيس النيابة العامة، وسياستها لأنسنة الأمن على الفايسبوك مرادفة لمقال مرعب يصف أمهر قناصي المديرية العامة للأمن الوطني.. غيابه في هذا الوضع يعني استقواء الأمن، ومن سيسمح لنا بالتغيير الديمقراطي في دولة البوليس، ونحن نعلم أن وظيفة الأمن هي محاصرة التغيير، فالتغيير في فلسفة الأمن انفلات، ووظيفة الأمن هي الحفاظ على الوضع كما هو! مرض الملك في صالح الذي خافوا من خطابه الأخير، في صالح المتسلطين على الشعب ومؤسساته بالمال، في صالح الناهبين الذين وردت أسماؤهم في تقارير ادريس جطو، لإقبار تلك التقارير باسم الحفاظ على الاستقرار.

أنا مبقية على حسن نيتي اتجاهه، رغم سخرية الساخرين ونقمة الناقمين، لا أملك بديل ولا أملك فيزا لأحد دول العالم الأول، هنا حتفي، وهذا النظام قدري لا طلاق بيننا، إما تقويمه أو هزمي، أنا مبقية على وثوقي في نواياه الإصلاحية لأجل تغيير جذري في القريب العاجل: محاسبة كل مهمل وفاسد، إيجاد حلول لتأطير معتقلي الريف عبر أحزاب أو جمعيات وإطلاق سراحهم، تمرير قوانين الحريات الفردية وإطلاق هاجر الريسوني، وضمان حرية الرأي. لا للفساد، ولا لدولة البوليس. في انتظار رجة ديمقراطية داعين للملك بالشفاء العاجل.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق