الصحافة _ كندا
في مشهد غير مألوف، تحوّلت الملحقة الإدارية السابعة بمدينة تمارة، يوم الأربعاء 19 مارس، إلى ساحة توتر بعد أن أقدمت سيدة على صفع قائد الملحقة أمام الحاضرين، في لحظة انفجار كشفت ما يتجاوز مجرد خلاف آني، وطرحت من جديد أسئلة معقدة عن حدود السلطة، وحقوق المواطن، والاحتقان الاجتماعي الذي يختمر تحت السطح.
الحكاية بدأت حين خرجت السلطات المحلية في حملة ضد الباعة المتجولين، وصادرت بضاعة تخص شقيق زوج المعتدية، وهي البضاعة التي تشكل مصدر رزقه الوحيد. بعدها، توجهت السيدة رفقة زوجها وشقيقه إلى مقر الملحقة، في محاولة يائسة لاسترجاع البضاعة، مدفوعين بما اعتبروه “ظلمًا مس حياتهم المباشرة”. الموقف تصاعد بسرعة، والكلمات تحولت إلى صدام، وانتهى الموقف بصفعة وجهتها السيدة للقائد، وسط دهشة كل من كان حاضرا.
الصفعة لم تمر مرور الكرام. النيابة العامة تحركت فورًا، وقررت اعتقال السيدة وثلاثة أشخاص آخرين، وإيداعهم سجن العرجات، بانتظار أولى جلسات المحاكمة المحددة يوم الأربعاء 26 مارس. التهم ثقيلة: إهانة موظف عمومي والاعتداء عليه أثناء تأدية مهامه، وهي تهم قد تفتح الباب أمام عقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات، حسب ما ينص عليه الفصل 263 من القانون الجنائي المغربي.
لكن ما جرى في تمارة لم يكن حادثًا معزولًا. تاريخ السلطة المحلية في المغرب يسجل حوادث مشابهة، من فاس إلى الدار البيضاء، ومن وجدة إلى مناطق أخرى، كلها تعكس علاقة مشحونة بين رجل السلطة والمواطن، حين تتقاطع السلطة بالقانون، والاحتقان بالحاجة. بين من يُكلف بتطبيق القانون، ومن يرى فيه تهديدًا لرغيف يومه.
صفعة تمارة، رغم رمزيتها، كشفت شرخًا عميقًا في العلاقة بين فئات اجتماعية مسحوقة وسلطة ترى في فرض النظام واجبًا لا يحتمل التفاوض. في الخلفية، يقف السؤال الكبير: هل نحاسب من صفع موظفًا، أم نفهم لماذا وصلت العلاقة بين المواطن والسلطة إلى لحظة الانفجار؟ وبين حق الدولة في فرض القانون، وحق المواطن في العيش بكرامة، تظل الحقيقة غائمة، والعدالة ممددة بين قاعات المحاكم وممرات الفقر.