الصحافة _ سعيد بلخريبشيا
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، بين المغاربة، صور لشعار ضخم رفعه أنصار فريق الرجاء الرياضي ضد غريمهم، الوداد الرياضي، في دور ثمن النهائي لكأس محمد السادس للأندية، ليلة يوم السبت المنصم ، والذي اتخذ شكله من الرواية الشهيرة “1984” التي تنتقد سلطة الدولة الأبوية على المواطنين.
جماهير الرجاء البيضاوي اختارت رفع صورة كبيرة لعبارة “رووم 101” خلال الدوري العربي، في مدرجات الملعب الرئيسي بالدار البيضاء، الشيء الذي صاحبه نقاش واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، أعاد الحديث عن رواية جورج أورويل التي تعتبر أهم الكتابات السياسية التي فككت بنية الأنظمة الشمولية، والتي تصف الغرفة 101 الواقعة في قلب “وزارة الحب” في الرواية، بكونها مكان للقهر وممارسة التعذيب، حيث كان المقبوض عليهم من طرف “شرطة الفكر” يتعرضون للتعذيب بواسطة الأشياء التي كانوا يخافون منها.
الشعار رأى فيه متابعون أنه تعبير سياسي، يتجاوز المفهوم التقليدي للاحتجاج على الأوضاع التي تعرفها البلاد، في ظل تراجعات في مجالات حقوق الانسان و التجاذبات السياسية الضيقة وغير الصحية، وكذلك تطور في ذهنية واهتمامات الجماهير الرياضية، التي طالما وصفت بضعف المستوى الثقافي، والابتعاد عن مجريات التطورات الحياتية.
فإن الفراغ السياسي اليوم يساهم في دعم الموجة الجديدة التي تحاول صناعة حشد منظم انطلاقا من ملاعب كرة القدم، وحالة الجمهور المغربي، باتت تفرض أكثر من أي وقت مضى الانتباه إلى ما يحصل في المدرجات الرياضية، حيث أنه في ظل عجز الأحزاب السياسية تواصل الجماهير تأطير نفسها بمحركات غير معروفة من أجل نتيجة غير معلنة في الوقت الحالي (..)، رغم أن بعض السياسيين المغاربة مازالوا يحلمون بتسييس الرياضة، كما حصل مؤخرا عندما ظهر عزيز أخنوش في مدرجات ملعب مراكش لمساندة فريق حسنية أكادير، بهدف انتخابي مفضوح (..) تماما كما حصل مع فريق شباب الريف الحسيمي أيام إلياس العماري، حيث كان التحالف السياسي وراء وصول فوزي لقجع لرئاسة جامعة كرة القدم (..).
هذه الظاهرة تهيئ لأمر ما خطير الآن داخل الملاعب المغربية، وكأنه تدريب وتشجيع واستعداد لأمر أكبر عندما ترتبط حلقات الملاعب فيما بينها في التأطير السياسي كهذا، فعلينا أن نتوقع أنها تحاول خلق جسور مع الملاعب الأخرى عبر المغرب، وبالتالي كسر بعض الحواجز النفسية والتعود على رفع الشعارات السياسية، ومن تم الخروج للشوارع ستكون الملاعب في حال عدم تدبير هذه الوضعية ستصبح كالمساجد تؤطر للتظاهر في الشارع العام.
حالة الجمهور المغربي، باتت تفرض أكثر من أي وقت مضى الانتباه إلى ما يحصل في المدرجات الرياضية، إذ أنها تحمل رسالة قوية وخطيرة يُؤكد من خلالها من يخطط أنه لا يؤمن بالثورة الفرنسية بإعتبار أنها لم تكن ثورة اجتماعية (..) وهو ما أكدته الجماهير الرياضية المغربية بتوجهها للتتوجه الإنجليزي في شعاراتها، وهو ما يُشير إلى وجود مهندسين كبار لهذه الموجة الجديدة من الإحتجاجات التي تعرفها البلاد والتي لا ينبغي الاستهانة بها.
وقال الأمير هشام العلوي:”نحن نشهد ظهور أشكال مختلفة من الاحتجاجات الشعبية ، من المقاطعة إلى الشعارات والأناشيد الاحتجاجية في ملاعب كرة القدم ، مما قد يشير إلى ان البلاد قريبه من نقطه التحول. إذا حدثت قطيعة يمكن أن تكون إيجابية ، أو يمكن أن ينزلق الوضع إلى العنف والمستقبل يتحمل العديد من السيناريوهات”.
فمن يهمه الأمر وعوض أن يلتقط الرسائلة، شرعَ في تمييع الجماهير الرياضية والاستهتار بقدراتها، وحشد المنابر الإعلامية لتسفيه الظاهرة الإحتجاجية الجديدة، واعتبار أفراد الجماهير الرياضية أنهم مجرد “شمكارة” و”مشرملين” من خلال نشر تقارير إعلامية حول أحداث شغب في ملعب محمد الخامس ليلة الديربي ليوم السبت المنصرم (..) في محاولة لتفكيك وتمييع احتجاجات الملاعب كعمل استباقي قد تكون لهذا رد فعل آخر الله يحضر السلامة، وذلك بإعتبار أنها خطة غير سليمة قد تعطي نتائج عكسية وتميز البلطجية عن “المناضلين” (..)، وعلى ما يبدو هذه مؤشرات أن لا حلول سوى الحل الأمني سيكون مكلفا في جميع الأحوال، ومهما كان استباقيا أي تفكيك التجمع قبل تطوره فقد يقع خلل ما وتسبقه الجماهير إلى الفعل.
اليوم انتظم الشكل الاحتجاجي في شكل أغاني احتجاجية، تلتقي كلها في دق ناقوس الخطر.. لكن عدم التقاط الرسائل قد تكون له نتائج وخيمة، فمن لم تحركه أغنية “عاش الشعب”، لن يحركه إلا شكل احتجاجي أقوى، ووقتها، يكون الأوان قد فات(..).