زيارة رئيس وزراء الهند إلى المغرب.. انطلاقة لتحالف استراتيجي بين الرباط ونيودلهي في عالم متعدد الأقطاب

22 يونيو 2025
زيارة رئيس وزراء الهند إلى المغرب.. انطلاقة لتحالف استراتيجي بين الرباط ونيودلهي في عالم متعدد الأقطاب

الصحافة _ كندا

يستعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لزيارة تاريخية إلى المملكة المغربية، مطلع يوليوز المقبل، في خطوة وُصفت بأنها بداية مرحلة جديدة من التحالفات الاستراتيجية بين قوتين صاعدتين في الجنوب العالمي. وتأتي الزيارة، التي تُعد الأولى من نوعها، بعد إعادة انتخاب مودي لولاية جديدة، وفي إطار جولة دبلوماسية موسعة تشمل إفريقيا، أمريكا اللاتينية، وغرب آسيا.

وتكتسي هذه المحطة المغربية دلالة رمزية قوية، إذ اختار مودي أن يجعل من الرباط أولى وجهاته الخارجية، في رسالة واضحة عن مكانة المملكة ضمن هندسة الدبلوماسية الهندية الجديدة، التي تبحث عن شركاء مؤثرين خارج المدار الآسيوي، في عالم تزداد فيه الحاجة إلى التوازن والتعددية.

زيارة مودي، التي ستتوج بلقاء رفيع مع جلالة الملك محمد السادس بالعاصمة الرباط، تأتي في سياق دينامية متسارعة للعلاقات بين البلدين، انطلقت فعليًا منذ الزيارة الملكية للهند سنة 2015، والتي أرست أسس شراكة استراتيجية شملت قطاعات حيوية، من السياسة والدفاع، إلى الطاقة الخضراء والتكنولوجيا والصحة. وقد تُوج هذا المسار بتوقيع أكثر من 40 اتفاقية ومذكرة تفاهم خلال السنوات الماضية.

ومن أبرز هذه الإنجازات، الاتفاق الصناعي العسكري الموقّع سنة 2024 بين شركة Tata Advanced Systems Limited والحكومة المغربية، بهدف تصنيع عربات قتالية بالمغرب، ما يكرّس الطموح المشترك لبناء قطب دفاعي إقليمي يعزز السيادة الصناعية والأمنية للبلدين، ويمنح الشراكة بعدًا سياديًا غير مسبوق.

زيارة مودي تأتي أيضًا في لحظة دولية مفصلية، حيث بات المغرب يُنظر إليه من قبل نيودلهي كدولة محورية ذات نفوذ متصاعد في شمال وغرب إفريقيا، وبوابة استراتيجية نحو السوق الأوروبية. وتُعد هذه القراءة امتدادًا لرؤية هندية جديدة تستهدف بناء توازنات دبلوماسية جديدة في الجنوب العالمي، في مواجهة تصاعد الاستقطاب الدولي.

وبحسب مصادر دبلوماسية وإعلامية هندية، فإن المباحثات المرتقبة بين الملك محمد السادس ورئيس الوزراء الهندي ستتناول ملفات جوهرية من قبيل الطاقة المتجددة، الأمن السيبراني، الزراعة الذكية، وسلاسل التوريد، إلى جانب تعزيز التنسيق في المنتديات الدولية، وتفعيل مشاريع ثلاثية في القارة الإفريقية.

ويُرتقب أن تضع الزيارة الأسس لتحالف استراتيجي طويل المدى، يعزز تموقع الرباط ونيودلهي ضمن خريطة التوازنات الجيوسياسية الجديدة، خصوصًا مع اقتراب قمة “بريكس” التي سيشارك فيها مودي، والتي تناقش سبل إصلاح الحوكمة الدولية، ومواجهة تحديات الاقتصاد والتغير المناخي والذكاء الاصطناعي.

وإذا كانت العلاقات الثنائية قد حققت تقدمًا كبيرًا على المستوى الاقتصادي، فإن زيارة مودي تمثل فرصة لربط الجسور الإنسانية والثقافية، خصوصًا أن السياق الإنساني يضفي عليها طابعًا وجدانيًا، بعد رسالة التعزية التي وجهها الملك محمد السادس للشعب الهندي إثر كارثة تحطم طائرة مؤخرا.

باختصار، زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى المغرب ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل تعبير عن تحوّل نوعي في نظرة القطب الآسيوي نحو الشركاء الأفارقة والعرب، وعلى رأسهم المغرب، الذي أصبح يمسك بخيوط التأثير الجيوسياسي من المتوسط إلى العمق الإفريقي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق