الصحافة _ كندا
أثار التعيين الملكي للدكتورة رحمة بورقية على رأس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ترحيباً واسعاً في أوساط المهتمين بالشأن التربوي، واعتبره خبراء خطوة نوعية نحو إعادة الاعتبار لدور المجلس في تقييم السياسات التعليمية واستشراف مستقبل المدرسة المغربية.
وفي تصريح لـ”اليوم 24″، أكد عبد الناصر ناجي، رئيس “مؤسسة أماكن” لجودة التعليم، أن بورقية ليست غريبة عن دواليب المجلس، إذ سبق أن أدارت الهيئة الوطنية للتقييم خلال فترة رئاسة عمر عزيمان، وراكمت تجربة غنية وسمعة قائمة على الصرامة والموضوعية العلمية. وأوضح ناجي أن تقاريرها السابقة “كانت تسمي الأشياء بمسمياتها”، وهو ما كان يثير أحياناً حفيظة بعض الجهات.
ويرى ناجي أن عودة بورقية إلى المجلس قد تعيد الزخم إلى وظيفته التقييمية التي تراجعت خلال فترة رئاسة الحبيب المالكي، معبراً عن أمله في أن تنفتح المؤسسة أكثر على المجتمع وتُفعّل المقاربة التشاركية، في أفق بلورة تصور جماعي لمستقبل المدرسة المغربية لما بعد أفق 2030.
من جانبه، وصف خالد الصمدي، العضو السابق بالمجلس، هذا التعيين بـ”الخبر المفرح”، معتبراً أن قيادة بورقية ستعطي نفساً جديداً للمؤسسة، بفضل معرفتها الدقيقة ببنية المجلس وتجربتها الطويلة في التخطيط التربوي. وأشار إلى أنها كانت فاعلة في صياغة الرؤية الاستراتيجية 2015، وشاركت في بلورة مضامين القانون الإطار الذي شكل مرجعية للإصلاح التعليمي.
وتوقع الصمدي تسريع وتيرة اشتغال اللجان داخل المجلس في عهد بورقية، وتفعيل دوره كمستشار استراتيجي للحكومة، يمدها باقتراحات عملية تسهم في إخراج الإصلاح من عنق الزجاجة، وتفادي المزيد من هدر الزمن التربوي.
رحمة بورقية، المزدادة سنة 1949 بالخميسات، تعد واحدة من أبرز النساء الرائدات في الساحة الأكاديمية المغربية، حيث كانت أول امرأة تتولى رئاسة جامعة بالمغرب (جامعة الحسن الثاني بالمحمدية)، وأول سيدة تنال عضوية أكاديمية المملكة. حاصلة على دكتوراه في علم الاجتماع، وأستاذة جامعية مرموقة، كما شغلت عدة مناصب وطنية ودولية في مجالات التعليم والتقييم والبحث.
الرهان اليوم كبير على عودة هذه “السيدة الصارمة”، التي لطالما ربطت بين التقييم العلمي النزيه والإصلاح الحقيقي، لقيادة مرحلة جديدة قد تكون مفصلية في مصير المدرسة المغربية.