انتفض عدد من النشطاء الطنجاويين على مواقع التواصل الاجتماعي غضبا عندما تم وصف مدينتهم طنجة ب “داك المدينة لي فالشمال”، خصوصا وأنها تمتلك كما هائلا من الألقاب، نذكر على سبيل المثال لا الحصر، “عروس الشمال”، “عاصمة البوغاز”، “بوابة المغرب”.
ومع ارتفاع عدد الأرقام المعلنة للاصابات بفيروس كوفيد-19 في مدينة طنجة، والابقاء على شواطئها مغلقة، وتوقف الأنشطة التجارية فيها ابتداء من الساعة الثامنة مساء، انتاب بعض ساكنتها شعور بأن مدينتهم مستهدفة، وبأن القرارات مجحفة في حقها.
جريدة الصحافة الإلكترونية كلفت مراسلها في شمال المملكة بالقيام بجولة في مختلق مناطق المدينة، للاطلاع على أحوالها وأحوال ساكنتها، في ظل هاته الأجواء المتشنجة، ويمكن تلخيص ما تم تسجيله خلال هاته الجولة، هو أن عروس الشمال طنجة، لم ينقص من حسنها شيء رغم كل الإكراهات.
أمين الخياط من طنجة
انطلقت جولتنا بمدينة طنجة من مقهى لاغيش المطلة على البحر، واللافت للنظر أن الحياة تدب في المكان، وبأن زوار المقهى الذين يقصدونها لتناول وجبة الفطور إما فرادى أو مع عائلاتهم، يستمتعون بجمالية المنظر البهيج قبالة البحر في احترام تام لشروط السلامة الصحية، خصوصا ما تعلق منها بالتباعد الاجتماعي.
رغم أن المدينة لا تعج بالسواح كما هو الشأن خلال السنوات الماضية، إلا أنها ليست ذاك الشبح كما يتصوره البعض من سكان المدن الأخرى، والذين ينظرون إلى المدينة بعين التشاؤم بسبب الأرقام التي تعلن عنها وزارة الصحة، وتتصدر فيها مدينة طنجة حالات الإصابات بالفيروس.
الحياة ليست متوقفة بمدينة طنجة، وعند مرورنا أمام بوابة مستشفى محمد الخامس، لم نجد أثرا لمواطنين ملقون على الأرض كما تداولته صفحات على فيسبوك، ليست الحالة في طنجة بذاك السوء الذي قد يظن البعض أنها عليه، مدينة طنجة بخير، وستكون قريبا أفضل مما كانت عليه، فالوباء سيزول يوما، ومدينة طنجة العالية بأسوارها وبرجالها ونساءها، لن تزيدها الجائحة سوى جمالا على جمال.
ارتفاع الإصابات بفيروس كوفيد-19 خلال الأيام الأخيرة كان منتظرا، بسبب بعض التراخي الذي ظهر على الكثير من المواطنين أثناء استعداداتهم لإحياء عيد الأضحى المبارك حيث لاحظنا اكتضاضا في العديد من أسواق بيع الماشية، وتقارب شديد يصل الى درجة الاحتكاك بين المواطنين، وكذا في أسواق أخرى لم يكن فيها المواطنون على مستوى مطلوب من الوعي فيما يتعلق باحترام شروط السلامة الصحية.
الطنجاويون يحترمون مبدأ التباعد الاجتماعي في الحدائق بشكل رائع، حيث تجد أسرا تجلس في هدوء على بعد كاف من بعضها البعض، ونسبة وضع الكمامة قد تصل إلى 100 بالمائة، على عكس الكثير من مناطق المملكة المغربية الأخرى، ولا عجب في ذلك، لأن الطنجاويين معروفون بمستواهم العالي في السلوكات الاجتماعية، بدءا من احترام قانون السير، مرورا باحترام الفضاء العام، وصولا إلى أخلاقيات التواصل.
أرقام وزارة الصحة اليومية هي تحصيل حاصل، والمسؤولية اليوم قائمة على كل المستويات، فالمواطن مطالب بالمزيد من الوقاية، والالتزام بشروط الوقاية الصحية، وأرباب المعامل مطالبون بمراعات مبدأ التباعد في مؤسساتهم والحرص على توفير جو ملائم للعمل، يحترم آدمية العمال، ويقيهم شر الإصابة بالفيروس، أما الدولة فهي مطالبة بتكثيف جهودها في مجال التواصل لحث المواطنين على الاستمرار في مراعات الشروط الصحية عند الحال والترحال.
المغرب كان نموذجا يحتدى به في بداية الجائحة، ولحد الآن فهو لم يبلغ بعد حد الخطر الذي سيدفعنا للتشاؤم بالشكل الذي هو عليه البعض، نحن في منتصف الطريق، والحرب ضد الكوفيد-19 قد تطول لسنوات أخرى يقول بعض الخبراء، ولهذا وجب علينا التعايش معه، والاشتغال باستمرار على إيجاد الحلول لمنع انتشاره.
وتجدر الإشارة إلى أنه في شمال المملكة، تنشط نيران في غابة الحوز الملاليين بجهة الفنيدق والمضيق، ويسارع رجال الإطفاء الزمن من أجل إخمادها، فأعمدة الدخان المتناثرة في المنطقة تجعل عملية التنفس صعبة، خصوصا وأن المنطقة شهدت موجة حر مرتفعة، أما الرياح التي تهب على المنطقة فتجعل رجال المطافئ أمام تحدي كبير، لكن إصرارهم وخبرتهم في المجال، عنصران سيحسمان المعركة في القريب العاجل بحول الله.