الصحافة _ كندا
تواصل الدبلوماسية المغربية، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، إعادة تشكيل المشهد الإقليمي والدولي المتعلق بملف الصحراء المغربية، في معركة لم تعد مجرد صراع سياسي، بل امتحان لشرعية الدول وقدرتها على ترجمة مواقفها إلى وقائع. فاليوم، وبعد سنوات من العمل المتدرج والمتوازن، لم يعد هناك شك في أن المغرب انتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم الدبلوماسي الحاسم، مؤسسًا لواقع جديد يُنهي فعليًا أطروحة الانفصال.
التحولات التي عرفها الميدان واضحة للعيان: افتتاح قنصليات متعددة في العيون والداخلة، دعم متزايد من القوى الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي، وتراجع متسارع في التأييد الدولي لجبهة البوليساريو التي وجدت نفسها، لأول مرة، في عزلة خانقة. في المقابل، يواصل المغرب العمل بصمت وثقة، مؤمنًا بأن المشروعية التاريخية والقانونية والسياسية هي وحدها التي تُنتج النصر الدائم.
أما الجبهة الانفصالية، فبيانها الأخير لا يمكن قراءته إلا كصرخة عجز، محاولة لتجميل الهزيمة بعبارات مثل “حسن النية” و”الاستعداد للحوار”. فالذين حرموا آلاف الصحراويين من الحرية والكرامة في مخيمات تندوف، يحاولون اليوم الظهور بمظهر دعاة السلام، في وقت يدرك فيه الجميع أن زمن المساومات قد انتهى، وأن العالم لم يعد يملك ترف الإصغاء لخطاب متجاوز، لا يستند إلى منطق ولا إلى واقع.
توقيت البيان لم يكن اعتباطيًا، إذ يأتي قبل أيام من اجتماع مجلس الأمن، الذي يستعد لاعتماد قرار جديد يؤكد مرة أخرى جدية ومصداقية مقترح الحكم الذاتي المغربي. وهذا وحده كافٍ لتأكيد أن مسار الحسم بلغ محطته النهائية، وأن المغرب أصبح يفرض إيقاعه السياسي والدبلوماسي بثقة الدولة التي تعرف ما تريد.
ويمكن القول إن ما يجري اليوم ليس مجرد انتصار ظرفي في معركة طويلة، بل تحول بنيوي في موازين القوة. المغرب لم يعد يكتفي بالدفاع عن صحرائه، بل بات يرسم خريطة جديدة للشرعية في المنطقة، عنوانها الواقعية السياسية، واحترام السيادة، والانخراط في التنمية بدل التواطؤ مع الوهم. إنها معركة تُدار بذكاء وهدوء، لكنها تحمل في جوهرها إعلانًا واضحًا: عهد المساومات انتهى، والمملكة المغربية حسمت الملف إلى الأبد.