التشهير الرقمي… محاكم التفتيش الجديدة ضد النساء!

1 سبتمبر 2025
التشهير الرقمي… محاكم التفتيش الجديدة ضد النساء!

الصحافة _ كندا

لم يعد العنف الرقمي مجرد حوادث معزولة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل تحول إلى ظاهرة ممنهجة تستهدف النساء بالدرجة الأولى، عبر حملات تشهير منظمة تُنتهك فيها الخصوصية وتُذبح الكرامة على الملأ. الواقعة الأخيرة التي مست شابة أفرج عنها بعد حفظ المسطرة، تكشف أن الضرر الحقيقي لم يكن قانونيًا بقدر ما كان نفسيًا واجتماعيًا، بفعل موجة الإدانة العلنية التي سبقت أي حكم أو قرار قضائي.

الخطر الأكبر هنا هو ازدواجية المعايير الجندرية: المرأة تُشهر وتُحاكم في الساحات الافتراضية، بينما الطرف الآخر يظل محصنًا من التشهير، وكأن اللوم والعار حكر على النساء فقط. هذه الازدواجية لا تعكس فقط خللًا اجتماعيًا، بل تُكرس تصورًا تمييزيًا يضع النساء دائمًا في موقع الاتهام.

التسريب العلني للمعطيات الشخصية زاد الطين بلة، إذ يمثل خرقًا سافرًا للحق في الخصوصية ويترك ندوبًا نفسية طويلة الأمد لدى المستهدفات. الأخطر أن الحملات الإلكترونية لا تكتفي بكشف الهوية، بل تُحوّل الضحايا إلى مادة للسخرية والإدانة، في مشهد يذكّر بمحاكم التفتيش حيث الإشاعة والتأويل تحل محل الأدلة.

إن أخلاقيات الصحافة ومعايير النشر غابت تمامًا في هذه الواقعة، إذ اختارت بعض المنابر الرقمية الاصطياد في المياه العكرة، متجاهلة أن دور الإعلام ليس التشهير ولا تأليب الرأي العام، بل احترام قرينة البراءة وحماية كرامة الأفراد.

المطلوب اليوم هو إرساء وعي جماعي بأن العنف الرقمي ليس مجرد “تنفيس” افتراضي، بل جريمة نفسية واجتماعية حقيقية تترك آثارًا عميقة على النساء، وأن من حق الضحايا طلب التعويض النفسي وجبر الضرر. كما أن الضغط المدني والجمعوي يجب أن يتواصل من أجل تعديل النصوص القانونية بما يضمن حماية صارمة للمعطيات الشخصية ويجرم بوضوح حملات التشهير الرقمي.

فالتشهير عبر الفضاء الرقمي ليس مجرد انتهاك فردي، بل ممارسة خطيرة تنخر ثقة المجتمع في العدالة والإنصاف، وتحول المنصات إلى ساحات محاكمة موازية تُدين النساء وحدهن، وتترك آثارًا لا يمحوها الزمن.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق