الصحافة _ الرباط
توقع مدير مختبر البيوتوكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بجامعة محمد الخامس بالرباط، عز الدين الإبراهيمي، أن يكون لقاح كورونا جاهزا في دجنبر المقبل على المستوى العالمي والمغربي كذلك.
وأوضح الإبراهيمي، الذي كان يتحدث في ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني بسلا الأربعاء 26 غشت 2020، (أوضح) أن التراكم المعرفي والخبرة اللذين تتوفر عليه المختبرات التي تشتغل على تطوير لقاحات فيروسات كورونا (نفس السلالة) عامل أساسي في تسريع تطوير اللقاح.
وأكد الإبراهيمي، الذي قاد الفريق العلمي المغربي في عملية تفكيك جزئي لشفرة 6 جينومات للفيروسات الأولى التي دخلت إلى المغرب في نهاية مارس و بداية أبريل2020 ومنها كورونا فيروس، (أكد الإبراهيمي) أنه لأول مرة يتم إجراء تجارب سريرية في 67 يوما، فضلا عن ضم المرحلة الأولى، التي يتم فيها التأكد من السلامة، مع المرحلة الثانية التي يتم التركيز فيها على الفعالية. ولفت البروفيسور الإبراهيمي إلى أن استعداد دول لتصنيع 8 لقاحات سيساهم بشكل كبير في تطوير اللقاح وتوفيره عبر العالم.
وفي ما يتصل بالوضعية الوبائية بالمغرب، فأكد الإبراهيمي أن المغرب ليس في مقدوره تحمل الكلفة الباهضة للحجر الصحي مما يضعه أمام خيارين لاثالث لهما. يتمثل الخيار الأول في الدفع بالمواطن إلى الانضباط والالتزام بالتدابير الوقائية الأساسية ( وضع الكمامة واحترام التباعد الجسدي وغسل اليدين) لأجل التحكم في انتشار الفيروس وضمان استقرار معدل انتشاره ونسبة انتقال العدوى.
أو، بالنسبة للخيار الثاني، اعتماد بشكل تشاركي مناعة القطيع، التي قال إنه الخيار الصعب والمرتهنة نجاعته أساسا بالثقافة والوعي والعادات الاجتماعية مع ما يفرضه هذا الخيار من تطبيع مع أرقام الإصابات والحالات الحرجة ولكن مع أعداد الوفيات على وجه الخصوص وتقبل أن يقضي مواطنون مغاربة بسبب الفيروس إلى حين تنمية المناعة ضده لدى ما يناهز 65 في المائة من الساكنة .
وبشأن استفحال الوضع الوبائي بشكل مقلق، فأكد الإبراهيمي أن عيد الأضحى كان سببا رئيسيا في ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا، سيما وأنها المناسبة، التي جاءت مباشرة بعد المرور إلى المرحلة الثانية من تخفيف حالة الطوارئ الصحية و رفع الحجر الصحي.
ونبه الإبراهيمي إلى أن عيد الأضحى قد قوض بشكل كبير المجهود المكثف والهام، الذي تم بذله منذ بروز الجائحة في تطويق انتشار الفيروس، “حتى أصبح الناس يتحدثون عن الاستثناء المغربي، بل إننا حتى من الناحية العلمية ذهبنا في اتجاه فرضية وجود خاصية للفيروس في المغرب، ولكن جاء عيد الأضحى وخلف كثيرا من الضحايا” يقول الإبراهيمي.
وشدد الإبراهيمي على حاجة المواطن المغربي للتأطير والمصاحبة والمواكبة لأجل ضمان اندماجه وانخراطه التامين في مجهود الدولة لتطويق الوباء . واعتبر البروفيسور أن المواطن وجد نفسه أمام نسق مفاهيمي فجائي أفرزته الجائحة وفرضته على واقعه اليومي وصعبت استيعابه له بشكل سلس .
وفي هذا السياق، شدد الإبراهيمي على أهمية التواصل مع المواطن بشأن تطور الوضع الوبائي وتقريب إليه مختلف المعطيات ومستجدات الوضع بشكل مبسط وسهل الاستيعاب ومساعد على فهم ما يحدث من تطورات في ارتباطها بارتفاع عدد الإصابات المؤكدة والوفيات كذلك. وذلك، بغاية رفع وعي المواطن بخطورة الوضع وضمان انخراط مؤسس على المسؤولية المواطنة في التعبئة الجماعية للتصدي للجائحة.
وانتقد الإبراهيمي، في هذا السياق، طريقة تواصل وزارة الصحة حول تطور جائحة كورونا ليس فقط مع المواطن العادي بل وحتى مع المختصين حيث قال : “محزن جدا ألا تكون هناك مقاربة تشاركية من طرف وزارة الصحة مع الباحثين لكي تكون لدينا معطيات مغربية صافية، بدل أن نستعين بالمعطيات الأجنبية”.
وزاد الإبراهيمي في انتقاده قائلا :”هل حصة التواصل، التي تبثها الوزارة على السادسة مساء مُجدية؟”، واستدرك مؤكدا وهو يجيب على سؤاله : “ثمة حاجة ملحّة إلى تغيير عملية التواصل المتّبعة حاليا، وذلك بمدّ المغاربة بمعلومات ومعطيات وأرقام دقيقة وشفافة ترفع الّلبس، الذي يحفّ عددا من جوانب فيروس كورونا”.
ودعا الإبراهيمي وزارة الصحة إلى الاجتهاد أكثر لمد المواطن المغربي بالأجوبة الشافية والواضحة حول مجموع التساؤلات التي تراودهم بشأن الوباء والوضع الوبائي . وأضاف الإبراهيمي قائلا إن الوقت قد حان ل”الخروج من هذه القوقعة، لأن هناك ذكاء جماعيا ما فتئ ينمو، ولا بد من مواكبته بخطة تواصلية جيدة، تُوصل المعلومة بشكل شفاف وواضح”.
ونبّه الإبراهيمي إلى أن غياب تواصل فعّال من جانب وزارة الصحة لا يؤدي فقط إلى افتقار المواطنين إلى المعلومة الصحيحة، بل يدفع إلى شيوع فكرة المؤامرة في صفوفهم، ومن ثَمَّ يتهدم اقتناعهم بالنظريات والمقاربات العلمية المؤسَّسة على أسس صحيحة، والتشكيك في كل شيء مما ينسف كل الجهود المبذولة ويشكل تخديدا حقيقيا للأمن الصحي .
وشدد الإبراهيمي إلى الحاجة الملحة للمغرب لدعم بشكل أكبر قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي. إذ أوضح البروفيسور قائلا: “نحن بحاجة اليوم إلى إعطاء الأولوية لتكوين أطباء المستعجلات والإنعاش، وتوظيف عدد كاف منهم، من أجل مواجهة الأوبئة مع ضرورة تحفيزهم”.