الصحافة _ كندا
تفاعلت هيئات مهنية وسياسية وحقوقية مع الفيديو المتداول المنسوب لاجتماع لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، والذي تضمن عبارات اعتُبرت مسيئة للمحامين ومثيرة للشبهات بخصوص حياد أعضاء اللجنة.
وفي هذا الإطار، أكدت جمعية هيئات المحامين بالمغرب أن أي مساس بحقوق المحامين أو محاولة النيل من هيبتهم يشكل اعتداءً على العدالة نفسها، معتبرة أن ما تضمنته التسجيلات من عبارات مهينة يمسّ القيم الأخلاقية والمهنية للمهنة. وأوضحت الجمعية أنها باشرت تحريات دقيقة بتنسيق مع النقباء المعنيين للتحقق من ملابسات التسجيل ومحتواه، تمهيداً لاتخاذ الموقف المناسب لحماية استقلال المهنة وصون كرامة المحامين.
من جهته، وجّه المستشار البرلماني خالد السطي سؤالاً كتابياً إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، اعتبر فيه أن التسجيلات “تمسّ بقواعد الحياد وتطعن في مبدأ التنظيم الذاتي للمهنة”، مشيراً إلى أن الأمر يرتبط بخروقات تستدعي ترتيب الجزاءات القانونية، خصوصاً في ظل انتهاء المدة القانونية للجنة المؤقتة. وطالب السطي بتوضيح الوضعية القانونية للجنة وبمراجعة مسار مشروع القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة في ضوء التطورات الأخيرة.
وفي السياق ذاته، أدانت الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال المحتوى “البذيء والصادم” الذي حملته التسريبات، معتبرة أنه يكشف عن “سقطة أخلاقية ومؤسساتية خطيرة”. وأبرزت أن ما ورد من ألفاظ خادشة وتنمّر تجاه المحامين يسيء للجسم الصحفي ويخرق الضمانات الأساسية للمسطرة التأديبية. ودعت الجامعة إلى فتح تحقيق فوري ومستقل، وإنهاء مهام اللجنة المؤقتة التي باتت، وفق تعبيرها، عبئاً على القطاع، مع إطلاق حوار مهني شامل لإعادة التنظيم الذاتي إلى مساره الديمقراطي.
في المقابل، أثار إعلان اللجنة المؤقتة عن متابعة الصحافي حميد المهداوي، بدعوى خرق سرية المداولات، موجة نقاش واسعة حول حدود المتابعة، حيث شددت أطراف سياسية على ضرورة عدم حصر التحقيق في واقعة التسريب وحدها، بالنظر إلى ما تضمّنه الشريط من معطيات مرتبطة بملفات قضائية رائجة وتلميحات يفترض أنها تتعلق بالتأثير على القضاء. واعتبر حزب التقدم والاشتراكية أن محتوى الفيديو ينطوي على “انزلاقات جسيمة” تستدعي تدخلاً فورياً وشفافاً، لما يحمله من تداعيات على صورة المؤسسات وثقة الرأي العام.
كما وصفت البرلمانية فاطمة التامني مضامين الشريط بأنها “تآمر صريح لحرمان صحافي ومقاولة إعلامية من حقوق مهنية بمنطق انتقامي”، معتبرة أن الإشارات الواردة بخصوص محاولة التدخل في القضاء تستوجب معالجة جذرية. وطالبت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بدورها بفتح تحقيق قضائي عاجل، معتبرة أن التسجيل يمسّ استقلالية كل من المؤسسة القضائية والهيئة المكلفة بالتنظيم الذاتي للصحافة.
ويرى قانونيون أن مضمون الشريط يطرح إشكالات تمسّ بمبدأ استقلال القضاء، ما يفرض فتح بحث شامل لا يقتصر على تحديد ظروف حدوث التسريب، بل يشمل أيضاً التحقيق في فحوى المداولات ذاتها، باعتبارها الأكثر أهمية. وحذّر الخبراء من أن الاكتفاء بمتابعة المسرّب قد يُفهم كتجاهل للجوهر لصالح الشكل.
وتتجه الأنظار إلى النيابة العامة لمعرفة موقفها من هذه التطورات، خصوصاً أن الملف بات يمسّ العلاقة بين المؤسسات المهنية والسلطة القضائية، ويثير نقاشاً حول المعايير الأخلاقية والتنظيمية داخل قطاع الصحافة والنشر.














