بقلم.: محمد الغلوسي
قرار قضائي مهم وجريء ذاك الذي اتخذه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس ليلة الجمعة 25 مارس 2022،عندما قرر إيداع ستة متهمين السجن المدني بوركايز بفاس، ويتعلق الأمر بكل من البرلماني ورئيس الجماعة القروية أولاد الطيب المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار إلى جانب شقيقه رئيس مجلس عمالة فاس ،شيخ قروي ،نائب بالجماعة السلالية بجماعة أولاد الطيب ،مسيرة شركة، النائب الأول لرئيس جماعة أولاد الطيب المكلف بالتعمير، كما قرر متابعة باقي المتهمين ضمنهم مهندس وعون سلطة ومقاول ومهندسة وآخرون، ومجموعهم تسعة متهمين في حالة سراح مقابل كفالة تتراوح بين خمسة آلاف درهم وعشرة آلاف درهم..
وأحيل المتهمون جميعا على غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس لمحاكمتهم من أجل جنايات الارتشاء واختلاس وتبديد أموال عمومية، وأخذ فائدة غير مشروعة والتزوير في محررات رسمية، وتبديد عن علم أوراق محفوظة في مضابط، والتصرف في أموال غير قابلة للتفويت، والغدر واستغلال النفوذ، والنصب وتسليم وثائق إدارية عن غير حق، والمشاركة في إحداث مجموعة سكنية فوق ملك تابع للجماعة السلالية، وغيرها من التهم الأخرى كل واحد حسب المنسوب إليه.
وتعود خلفية المتابعة إلى وجود شبهة اختلالات تدبيرية وقانونية ومالية بجماعة أولاد الطيب ،وهي جماعة ترابية ذات طابع قروي بصبغة حضرية بعد التطور العمراني والهيكلي الذي تعرفه هذه المنطقة، والتي تترقب دخولها الحيز الحضري المهيكل لعمالة فاس ،وهو ما جعلها منطقة مغرية للذين يترصدون الغنائم والفرص ولم تخطئها عيون لوبيات العقار والتعمير، والتي تستغل ضعف آليات الرقابة ونسجها لشبكات من العلاقات المصلحية المتعددة ،وتواطؤ بعض المسؤولين الذين يفرض فيهم الحرص على إنفاذ القانون وهو ما جعل مجموعة سكنية قائمة الذات على أرض سلالية تنبت في واضحة النهار..
على السلطة القضائية أن تكون حازمة في التصدي لكل مظاهر الفساد والرشوة ونهب المال العام واستغلال مواقع المسؤولية للاغتناء غير المشروع والتضحية بحقوق المجتمع في التنمية وذلك باتخاذ قرارات شجاعة وجريئة تقتضيها المرحلة الصعبة والدقيقة التي تجتازها بلادنا وسط انتظار وتطلعات المجتمع في تعزيز حكم القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وسنقوم في الجمعية المغربية لحماية المال العام انطلاقا من أدوارنا الحقوقية وأهداف الجمعية الهادفة إلى محاربة كل مظاهر الفساد والرشوة بمتابعة مسار ومجريات هذه القضية، وسنتخذ كل المواقف الضرورية إزاء هذا الملف الشائك كلما اقتضت الضرورة ذلك حرصا على سيادة القانون وتحقيق العدالة وربط المسؤولية بالمحاسبة، لكوننا نؤمن أن مكافحة الفساد والرشوة هي قضية مجتمعية تهم كافة الفاعلين والمؤسسات وضمنها قوى المجتمع المدني الحي والجاد.
محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام