التهراوي يسوّق منجزات آيت الطالب كأنها وحي نزل عليه من السماء.. وينسبها لنفسه بلا خجل!

30 أبريل 2025
التهراوي يسوّق منجزات آيت الطالب كأنها وحي نزل عليه من السماء.. وينسبها لنفسه بلا خجل!

الصحافة _ كندا

من يتابع خرجات وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، يعتقد للوهلة الأولى أننا أمام عبقري إداري نزل بالمظلة على قطاع الصحة، لينقذه من “العتمة” خلال ستة أشهر فقط! لكن الحقيقة، كما هي دائمًا، أكثر عنادًا من دعايات الوزراء الجدد، خصوصًا أولئك الذين يعانون من قصر في الذاكرة أو فرط في التسويق لأنفسهم.

الوثيقة الأخيرة التي أصدرتها وزارة الصحة بعنوان “أبرز المنجزات في مجال تدبير الموارد البشرية 2021-2025”، تبدو وكأنها صكّ تمجيد شخصي للوزير الحالي، في حين أن أغلب ما جاء فيها يعود إلى عهد الوزير السابق، خالد آيت الطالب، الذي قاد مسلسل الإصلاحات طيلة ثلاث سنوات من ولايته، وسط أزمة كوفيد وضغط اجتماعي متواصل، واتفاقات قطاعية مهيكلة ومرهقة سياسياً.

من المثير للسخرية أن يفاخر أمين التهراوي أمام الرأي العام بعدد الاجتماعات التي عقدتها الوزارة بين 2022 وبداية 2025، وهو الذي لم يُكمل بعد نصف سنة في منصبه، ويتحدث وكأن النقابات وقّعت اتفاق 24 فبراير 2022 بين يديه، بل ويحتفي بمخرجاته وكأنه مهندسه! أين النزاهة السياسية؟ أين الاعتراف بمجهودات سلفه، حتى إن اختلف معه؟ هل أصبح القفز على إنجازات من سبقونا هو القاعدة الجديدة في الوزارات؟

ثم هل يعقل أن يُنسب النظام الأساسي للملحقين العلميين، وزيادات الأجور التي نُشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 24 فبراير 2025، إلى وزير لم يُعيَّن إلا في خريف 2024؟ هل سحر لنا هذه الإجراءات من تحت عباءته فجأة؟ أم أن هناك من يعتقد أن ذاكرة المغاربة قصيرة، ولا أحد يقرأ التواريخ والوثائق الرسمية؟

أسوأ ما في الأمر ليس فقط أن التهراوي يسوّق منجزات غيره، بل إنه يفعل ذلك في سياق أزمة خانقة تعرفها المنظومة الصحية، ووسط شلل أصاب مديرية الأدوية، وتوتر غير مسبوق بين الوزارة وشركائها. فأين الإنجاز الحقيقي؟ وأين الأثر الملموس لإدارته؟ أم أن المطلوب هو فقط تغيير التوقيع على الأوراق والإيحاء بأن كل شيء بدأ مع “العهد الجديد”؟

لقد كان حريًا بالوزير أن يعترف بأن ما تم تحقيقه، مهما كانت نواقصه، هو ثمرة تراكم حكومي ومهني، لا نتيجة عصا سحرية حركها فور وصوله إلى المنصب. التهراوي لا يملك حق احتكار الذاكرة المؤسساتية، ولا يحق له اختزال إنجازات مرحلة كاملة في خطاب انتخابي مبكّر باسم “الإنجاز السريع”.

ما يحتاجه قطاع الصحة اليوم ليس استعراض جداول “اجتماعات الماضي”، بل رؤية واضحة، ومصارحة واقعية، وقرارات جريئة تهم الحاضر والمستقبل، لا تصفية حسابات ضمنية أو تمجيد للذات على حساب الحقيقة.

فإما أن يُقال للمغاربة بوضوح من أنجز ماذا، ومتى، وبأي ثمن… أو فليتحمّل الوزير مسؤولية تسويق وهم الإنجاز في وقت المساءلة والوضوح.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق