الصحافة _ الرباط
سنة قبل الاستحقاقات التشريعية لسنة 2021، تسارع الأحزاب السياسية الزمن لتعديل قانون الانتخابات؛ حيث ينتظر أن تعقد قيادات الأحزاب، مشاورات مع سعد الدين العثماني، لبسط رؤيتها وتصورها للقوانين التي ستنظم للانتخابات المقبلة.
وأكدت عدة أحزاب أنها بصدد إعداد تصوراتها لإصلاح القوانين المتعلقة بالانتخابات، في أفق عرضها على رئيس الحكومة الذي ينتظر أن يقدم أيضا طرح الحكومة لتنظيم لانتخابات. وينسق حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي من أجل تقديم موقف موحد حول التغييرات، كما شكل المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية لجنة تعكف على بلورة تصورها لشكل القانون الجديدة.
أستاذ العلوم السياسية، محمد الغالي، قال إن المشاورات مقاربة أساسية ومهمة، على اعتبار أن القوانين الانتخابية لها ارتباط مباشر، بمسألة تمثيلية الأحزاب السياسية بالمؤسسات الدستورية، “وبالتالي فالتشاور من شأنه تجميع وتبادل الرؤى والتصورات، خصوصا حول ما يتعلق بنمط الاقتراع، الذي يعتبر عاملا أساسيا و محددا، لأن أهميته تكمن في قدرته على تحقيق نوع من العدالة التمثيلية”.
وأوضح الغالي أن السؤال الذي يجب أن تطرحه الأحزاب، هو كيف تصل، إلى قانون يضمن تمثيلية متكافئة ومتعادلة لجميع الأحزاب السياسية، ويساعد على الوفاء بطبيعة النظام السياسي والدستورية التي حددها الفصل الأول من الدستور في كون نظام الحكم بالمغرب هو نظام ملكية دستورية برلمانية ديمقراطية واجتماعية، كما وردت في المادة الأولى في الدستور.
وشدد الغالي أن نمط الاقتراع، يجب أن يتماهى كذلك ويتناسق مع مقتضيات الفصل الأول والفصل 47 والفصل 88 من الدستور، على اعتبار اليوم أن رئيس الحكومة يعين من الحزب الحاصل على الأغلبية، متسائلا “إلى أي حد يمكن أن نتصور نمط اقتراع سيساعد على تشكيل تقاطبات متجانسة، حيث أن هناك نقاشا اليوم أن نمط الاقتراع باللائحة، لا يساعد على بلوغ هذا الهدف”.
وأبرز الغالي أن هناك اختلافات في الرؤى بين من يرى أن نمط الاقتراع، يجب أن يكون أحاديا إسميا، وهناك من يدفع بأن يكون نظاما مختلطا، حتى يتم تفادي الامتداد الكبير للدوائر الانتخابية، التي تشكل في عدد من الحالات عرقلة وصعوبة، في تحقيق التواصل بين الأحزاب والمواطنين”، موضحا أن عندما تكون الدائرة الانتخابية، كبيرة جدا، يتعقد التواصل بين الناخبين.
“لدينا 395 مقعد بالبرلمان، و30 خاص باللائحة الوطنية، فتبقى لنا، 265، وتقسيم التراب الوطني إلى 265 دائرة ليس هو تقسيمها إلى حوالي 90 دائرة” يشرح الغالي مضيفا: “هذا سيؤدي إلى تضاعف عدد الدوائر إلى نحو 3 مرات، وهو ما سيمكن من تحقيق تواصل بين المواطنين والمواطنات”.
نمط الاقتراع باللائحة، بدوره، يقول الغالي، أن هناك من يعتبر أنه لا يساعد على تحقيق أغلبية مهمة، ولكن في المقابل فهو يساعد على ضمان تمثيلية الأحزاب الصغرى، مضيفا أن “الديمقراطية اليوم لا تعني حكم الأغلبية فقط، بقدر ما يجب أن تعكس القدرة على احترام حقوق الأقليات”، وبالتالي يطرح “إشكال التوفيق بين حقوق الأحزاب الصغرى وضمان تمثيلية الأحزاب الكبرى، حتى تكون الحكومة قادرة على أن تعمل بشكل منسق ومشترك وفيه إلتقائية”.
وبخصوص العزوف عن المشاركة السياسي، وعدم التسجيل في اللوائح الانتخابية، قال الغالي إن مرده عوامل متعددة، تتعلق أساسا بالتربية والتنشئة، على الشأن العام فيما يتعلق المشاركة السياسية وخلق الالتزام.
وحمل في هذا السياق المسؤولية للأحزاب، التي تكمن أدوارها في التكوين والتأطير السياسي للمواطنين، مستدلا بتقرير للمجلس الأعلى للحسابات حول آداء الأحزاب السياسية، الذي كشف أنه بالرغم من الدعم الذي تستفيد منه الأحزاب إلى أن “وقعها وأثرها على مستوى التأطير والتكوين منعدم، وهذه مسألة تحمل إشارة أن مخرجات العمليات الانتخابية، ليست عشوائية بل نابعة وناتجة عن ضعف التكوين والتأطير السياسي للمواطنين.”