الصحافة _ كندا
في تصريح لافت ومحمّل بالتحذيرات، سلّط يوسف مزوز، الكاتب العام للمركز الإفريقي للحماية المعلوماتية، الضوء على الوضع المقلق للأمن السيبراني في المؤسسات العمومية المغربية، مؤكداً أن هذه المؤسسات أصبحت أهدافاً سهلة للهجمات الإلكترونية في ظل تزايد وتطور هذه الأخيرة بوتيرة مقلقة.
مزوز، المعروف بمتابعته الدقيقة للشأن الرقمي، لم يتوانَ في توجيه سهام النقد إلى واقع البنية التحتية المعلوماتية، واصفاً إياها بـ”الهشّة والعتيقة”، حيث لا تزال العديد من الإدارات تعتمد أنظمة غير محدثة وبرمجيات منتهية الصلاحية، ما يجعلها مفتوحة على مصراعيها أمام ثغرات أمنية معروفة ومتداولة في سوق الاختراق.
لكن الخطر لا يقف عند حدود “الآلة”، بل يمتد إلى الإنسان، إذ اعتبر مزوز أن غياب ثقافة الأمن السيبراني وسط الموظفين والمسؤولين على حد سواء، يمثل “الثغرة الأخطر” في جسد الإدارة العمومية، حيث ما يزال التكوين المستمر في المجال الرقمي أمراً ثانوياً في نظر الكثير من المؤسسات.
وفي تشريحه لأزمة التسريب المعلوماتي التي ضربت الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وجّه مزوز انتقادات صريحة لـ”الارتباك الاتصالي” الذي رافق الحادث، مشيراً إلى أن التأخر في تقديم رواية رسمية واضحة خلق فراغاً إعلامياً سرعان ما ملأته الإشاعات والتأويلات، مما فاقم من حجم الضرر المعنوي للمؤسسة.
أما على المستوى البنيوي، فشدّد مزوز على “غياب التنسيق الوطني الفعّال بين المتدخلين في مجال الأمن السيبراني”، داعياً إلى تسريع الإصلاحات التشريعية، وتوحيد الرؤى والجهود داخل مقاربة وطنية متكاملة، تأخذ بعين الاعتبار التشريع، والحوكمة، والتكوين، والتعاون الدولي.
ولم يستبعد المتحدث أن تكون بعض الهجمات الإلكترونية “موجهة ومخطط لها بعناية” لاستهداف صورة الدولة وزعزعة الثقة في مؤسساتها، خاصة حين تتزامن مع سياقات سياسية أو اجتماعية دقيقة، مؤكداً أن المغرب لا يواجه فقط تحدياً تقنياً، بل معركة حقيقية من أجل حماية سيادته الرقمية.
وختم مزوز بتحذير واضح: “الخطر قادم… ولن يُجدي الترقّب في عالم تقوده السرعة والاختراق. إما أن نبني جداراً رقمياً حصيناً، أو نتهيأ للعاصفة.”