خالد أوباعمر
كيف تعاملت الدولة والحزب الإسلامي الذي يقود الحكومة في المغرب مع وفاة الرئيس الشرعي فيجمهورية مصر العربية محمد مرسي العياط بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي طالته وهوسجين
مبدئيا، لا أبحث من خلال طرح هذا السؤال عنالموقف الرسمي للدولة من وفاة مرسي، لأن هذاالموقف معلوم والصمت عن ابداء اي موقف في شانهمن طرف أركان الدولة المغربية، فيه انسجام كبير معالمواقف المعبر عنها في بلاغات رسمية سابقة،بخصوص ما وصف بالتحول الديمقراطي في مصر،عقب انقلاب السيسي على مرسي.
موقف الدولة المغربية الذي تم التعبير عنه من خلالالقنوات الدبلوماسية المتعددة ( بلاغات وزارةالخارجية، زيارة بنكيران لمصر واستقباله من طرفالسيسي) يظل موقفا نفعيا، ومحكوما في العمقبحسابات مصالحية كبرى وجد معقدة يتداخل فيهاالذاتي بالموضوعي.
ولكن المضحك المبكي، هو صمت الحزب الإسلامي الذي يقود الحكومة المغربية مند سنة 2011، ونأيموقعه الإعلامي على نشر ولو سطر واحد حول وفاة الرئيس الشرعي لمصر، في الوقت الذي يعي فيهالكل كيف وظف أتباع هذا الحزب، مثل غيره من التنظيمات الاسلاموية، شارة رابعة عندما انقلب الطاغيةعبد الفتاح السيسي على الرئيس مرسي!!
مهما كان الأمر يبقى (المخزن) منسجما مع نفسه ومع تموقعه العبر وطني، ولكن الطامة الكبرى، هوالحزب الذي يوظف الدين في السياسة، ويغلب مصالحه في السلطة ضد ما هو مبدئي.
عند الامتحان يعز المرء أو يهان. نعي جيدا قواعد اللعبة السياسية في المغرب، ولم نكن ننتظر موقفاحقوقيا منصفا من جميع الأحزاب، ولكن على الأقل بقية الأحزاب السياسية في المغرب لم توظف شارةرابعة سياسيا، ولا تستغل الدين في السياسة، ولا تتشدق بقيم العدل والحرية كما هو حال حزب العدالةوالتنمية.
بعيدا عن موقف الدولة والحزب الذي يقود الحكومة من وفاة الرئيس الشرعي لمصر محمد مرسي هناكمن نصب نفسه مدافعا عن الحكم العسكري الاستبدادي في مصر لدواعي أيديولوجية متجاوزة فيالوقت الذي كان يفترض فيه على ضوء الانتهاكات التي تعرض لها مرسي داخل السجن ولمدة ستسنوات ترجيح الموقف الحقوقي النبيل وفق القيم الحقوقية المتعارف عليها دوليا.
حقوق الإنسان غير قابلة للتجزيئ والذي يقبل بتجزئتها، ليس حقوقيا وغير متشبع بثقافة حقوق الإنسان،بغض النظر عن ميولاته الفكرية والايديلوجية.
من هذا المنطلق أطرح سؤال حقوقي له علاقة بوضعية رئيسين مصريين مرا من تجربة السجن: الأولاسمه حسن مبارك، والثاني اسمه محمد مرسي.
هل عوملا الرجلين نفس المعاملة داخل السجن؟ وهل أعطيت لهما نفس الحقوق في العلاج والأكلوالمشرب والزيارة العائلية والمثول أمام القضاء داخل المحكمة؟
الجواب هو الذي يحدد طبيعة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي طالت الرئيس الشرعيوالمنتخب محمد مرسي طيلة ست سنوات من طرف العصابة التي اغتصبت الحكم بمنطق بسماركيتشهد عليه أحداث رابعة والنهضة…الخ
حسني مبارك رغم كل جرائمه تمتع بحقوق إستثنائية وهو سجين إبان حكم مرسي وأطلق سراحه بعدانقلاب السيسي هو وأبنائه وجزء كبير من أتباعه في الوقت الذي تم فيه الاعتداء على مرسي وانتهاكأبسط حقوقه كمعتقل.
الحقد الإيديولوجي عندما يصل إلى مستوى شرعنة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، يتحول إلىحالة مرضية لا ينفع معها علاج، وهذا للأسف ما يعاني منه عدد كبير ممن يتشدقون بثقافة حقوقالإنسان، ويدافعون عن نظام مجرم، يقوده شخص كان مفروض بسبب جرائمه ضد الإنسانية أن يمثلأمام العدالة الجنائية الدولية وفق نظام روما الأساسي.
نعرف جيدا ماضي التنظيمات الإسلامية الاخوانية، ونعي جيدا خلفيتهم العقائدية المتشنجة، ولكن عندمانكون إزاء أوضاع حقوقية صرفة، على الإنسان السوي أن ينتصر لقيم حقوق الإنسان دون محاولة تبريرالإجرام تحت أي عنوان كان!