الصحافة _ وكالات
انطلقت أمس 16 نونبر 2022 مناورات عسكرية جزائرية روسية بمنطقة بشار (جنوب غرب البلاد) على مقربة من الحدود مع المغرب. وتأتي هذه المناورات التي تختتم في 28 من الشهر الحالي تتمة لتلك التي نفذها الجيشين في شتنبر المنصرم تحت مسمى “فوستوك 2022”.
وقد سبق هذه المناورات تنسيق قاده مطلع هذا الشهر، ديميتري شوغاييف، مدير القسم الفدرالي للتعاون العسكري التقني الروسي الذي حل بالجزائر على رأس وفد عسكري هام. وقد جاءت هذه الزيارة أيام بعد إقرار الرفع من ميزانية التسليح الجزائرية التي ارتفعت إلى حوالي 23 مليار دولار، وهو رقم حفز القوات الروسية إلى البحث عن عقود جديدة قد تساعدها في سد نفقات الحرب المرتفعة على أوكرانيا.
وفي هذا الصدد، يرى العديد من المتابعين والمتخصصين في مجال التسلح أن مناورات بشار رسالة من موسكو إلى الغرب تريد من خلالها أن تبين قدرتها على التواجد في أكثر من مكان وبالضبط على مقربة من المصالح الغربية في غرب البحر الأبيض المتوسط. كما أن اختيار هذه المنطقة بالذات ينافي تماما ما كانت قد صرحت به المتحدثة باسم الخارجية الروسية والتي قالت أن هذه المناورات المشتركة لا تستهدف دولة ثالثة.
كما أن العلاقة الوثيقة بين الجزائر وروسيا خاصة على المستوى الجيوسياسي، والتي تسارعت وتيرتها بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تكشف بدون أدنى شك مساندة الجزائر لروسيا في هاته الحرب، كما تكشف ازدواجية الخطاب الرسمي الجزائري الداعي إلى عدم الانحياز والحياد من جهة والدعم القوي والواضح على الميدان من جهة ثانية.
وفي هذا السياق، تَعتبر موسكو الجزائر جبهة متقدمة ضمن استراتيجيتها في المواجهة العسكرية مع الغرب والتي ستلجأ إليها لتمديد مجالها العسكري بغرض فرض قوتها العسكرية، إذ سيجعل هذا التحول من الحدود الجزائرية المغربية خط تماس بين منطقة التأثير الغربية ومجال النفوذ الاتحاد السوفياتي السابق.
ومن هذا المنطلق، يوجِب الاصطفاف الجزائري للموقف الروسي تحركا آنيا من الدول الغربية بغية مراجعة شراكاتها وإستراتيجيتها مع النظام القائم بالجزائر الذي تتعارض مصالحه مع الغرب، بل تستفيد الجزائر من عائدات عقود الطاقة المبرمة مع الدول الغربية وفي الوقت ذاته تستمر في تعزيز تعاونها العسكري مع موسكو في ظل الحرب على أوكرانيا.
ويجدر التذكير في هذا الظرف بالذات إلى موقف 27 برلمانيا من الولايات المتحدة الأمريكية طالبوا متم شهر شتنبر المنصرم، عبر رسالة إلى كاتب الدولة في الخارجية أنطوني بلينكين، باتخاذ إجراءات عقابية ضد الجزائر لتمويلها الغزو الروسي لأوكرانيا من خلال التوقيع على عقود تسليح مع الجانب الروسي.
إن هذا التقارب العسكري الجزائري الروسي خاصة في شقه العملياتي سيدفع الدول الغربية لا محالة إلى إعادة النظر في علاقاتها مع الجزائر التي ساعدت ولا تزال في تسهيل التواجد العسكري الروسي بعدد من الدول الإفريقية.