الصحافة _ وكالات
ليس هذا هو وقت التهدئة بالنسبة للنظام الجزائري الذي أصدر وفده إلى الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الخميس الماضي، بيانا حول قضية الصحراء. “حق الرد” هذا على خطاب رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش على منصة الأمم المتحدة، أعقبه رد من قبل المغرب.
في خطابه يوم الثلاثاء الماضي أمام الجمعية العامة السابعة والسبعين للأمم المتحدة في نيويورك، والتي حضرها في الفترة من 20 إلى 23 شتنبر ممثلو المجتمع الدولي، بما في ذلك رؤساء الدول ورؤساء الوزراء ووزراء وغيرهم، أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في مداخلته على منصة الأمم المتحدة، على الاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها الصحراء المغربية. كما شدد على المسؤولية المباشرة للجزائر، التي ليست فقط افتعال نزاع الصحراء، ولكنها تعارض أيضا أي حل سياسي يهدف إلى إنهاء هذا النزاع المصطنع.
بعد حوالي 48 ساعة، وبالنظر إلى الصدى الذي لقيه خطاب أخنوش أمام الحضور المميز في الأمم المتحدة، أصيب الوفد الذي يمثل النظام الجزائري في مناقشات الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بالذعر ورد على هذا الخطاب من خلال “حق الرد”.
من الضروري هنا التذكير بأن اللجوء إلى حق الرد منصوص عليه في النظام الداخلي الذي يحكم الجلسات العامة للجمعية العامة للأمم المتحدة، في المادة 73. ويتعلق الأمر بمداخلة شفوية لممثل بلد ما سبق أن تحدث من قبل، لكنه يطلب التحدث مرة ثانية إذا اقتضت الظروف ذلك. غير أن رئيس الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، الدبلوماسي المجري تشابا كوروسي، رأى أنه ليس من المناسب إعطاء الكلمة للوفد الجزائري، مما أجبر الأخير على إصدار “بيان” حاول فيه إنكار ما هو واضح وجلي: الجزائر هي الطرف الرئيسي في نزاع الصحراء.
ومع ذلك، لا أحد في الأمم المتحدة يصدق رواية الجزائر. فليس المغرب وحده هو الذي يؤكد أن الجزائر هي الفاعل الرئيسي في نزاع الصحراء. فقرار مجلس الأمن رقم 2602، الذي تم التصويت عليه في 31 أكتوبر 2021 من قبل الأعضاء الخمسة عشر في الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة من 13 صوتا وامتناع عضوين عن التصويت (روسيا وتونس)، يشير إلى الجزائر خمس مرات. كما دعا مجلس الأمن، في نفس القرار، الجزائر إلى المشاركة في الموائد المستديرة التي بدأها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء.
عندما اقترح الرئيس الألماني السابق والمبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، هورست كوهلر، فكرة تنظيم موائد مستديرة تجمع بين الجزائر والمغرب وجبهة البوليساريو وموريتانيا، فإن الهدف الحقيقي لهذه المبادرة، التي عقدت مرتين في جنيف في عامي 2018 و2019، كان في الواقع وضع الجزائر أمام مسؤولياتها بصفتها الطرف الرئيسي لهذا الصراع المصطنع.
وذلك لأن كوهلر أدرك جيدا أنه في صراع الصحراء، فإن الجزائر وجبهة البوليساريو ليسا إلا وجهين لعملة النظام الجزائري. إن الطغمة العسكرية الجزائرية هي التي تعرقل أي حل للصراع.
وفضلا عن ذلك، فإن الوفد المغربي في نيويورك، بين في رده يوم الجمعة 23 شتنبر بدوره في إطار حق الرد، كيف أن “الجزائر نفسها تعلن بأنها طرف رئيسي في هذا النزاع الإقليمي. وينبغي التذكير بأن السفير الجزائري السابق لدى الأمم المتحدة قد صرح، في رسالته في نونبر 1975 لمجلس الأمن، أن الأطراف المعنية والمهتمة بقضية الصحراء هي الجزائر والمغرب وموريتانيا. هذا مسجل في وثيقة مجلس الأمن S / 11880”.
كما أن “الجزائر ورد ذكرها خمس مرات في جميع القرارات الأخيرة لمجلس الأمن، بما في ذلك القرار رقم 2602 الصادر في أكتوبر الماضي. لقد تم ذكرها بنفس عدد المرات التي ذكر فيها المغرب، والمجلس يجعلها طرفا رئيسيا في هذا النزاع”، بحسب الوفد المغربي.
بل إن النظام الجزائري وقع، في رده على خطاب عزيز أخنوش، في مفارقتين. من ناحية، جدد رفضه، الذي لا يفهمه المجتمع الدولي، لأي إحصاء للساكنة الصحراوية في مخيمات تندوف، وربطه بتنظيم استفتاء، وهو الخيار الذي أقبره بشكل نهائي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ سنوات خلت.
من ناحية أخرى، نفت الطغمة العسكرية الجزائرية أي صلة للبوليساريو بالإرهاب، بينما في شتنبر 2021، قتلت القوات الفرنسية، المنتشرة في مالي حينها، الإرهابي عدنان أبو وليد الصحراوي الذي لم يكن سوى قائد عسكري سابق في جبهة البوليساريو، الذي أصبح زعيما للدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى.
إن الهياج الجديد للنظام الجزائري خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ستصل لا محالة إلى جامعة الدول العربية. تحاول الطغمة العسكرية الجزائرية، بطريقة ما، التخفيف من حدة عدائها المرضي ضد المملكة المغربية، أملا في إنقاذ قمة جامعة الدول العربية. لكن الطبع يغلب التطبع…
المصدر: le360