لجنة النموذج التنموي: التعليم الجامعي والتكوين المهني في حاجة إلى تحديث فعلي لتحسين إدماج الشباب في سوق الشغل

27 مايو 2021
لجنة النموذج التنموي: التعليم الجامعي والتكوين المهني في حاجة إلى تحديث فعلي لتحسين إدماج الشباب في سوق الشغل

الصحافة _ وكالات

تعتبــر جــودة التعليــم الجامعــي والمهنــي والنهــوض بالبحــث العلمــي مــن الشــروط الأساســية لتســريع مســار التنميــة بالمغــرب والدفــع بــه إلــى مصــاف الأمــم ذات التنافســية المســتدامة. كمــا أنهــا مــن المحــددات الجوهرية للنمــوذج التنمــوي، لكونهــا تســاهم فــي تكويــن وتحفيــز الكفــاءات الضروريــة لتنميــة القطاعــات الاقتصاديــة والاجتماعيــة، فــي القطاعيــن العــام والخــاص، ممــا يســمح بالإنتــاج المســتمر للمعرفــة والثقافــة، الأمــر الــذي يــؤدي فــي نهايــة المطــاف إلــى انبثــاق مجتمــع مبتكــر ومزدهــر ومندمــج فــي اقتصــاد المعرفــة.

امتلاك كفاءات لإدماجهم في سوق الشغل

دعت لجنــة النموذج التنموي في تقريرها، اطلع عليه موقع القناة الثانية، إلــى “القيــام بتحديــث فعلــي لمؤسســات التعليــم العالــي العموميــة والخاصــة والعمل على الرفع من حسن أدائها، بالإضافــة إلــى التثميــن القــوي لشعب التكوين المهني ولطــرق التعلــم الهجيــن وبالتنــاوب، وذلــك بهــدف أول يتمثــل فــي تمكيــن الشــباب المغاربــة مــن ســبل امتــلاك الكفــاءات العاليــة وتحســين آفــاق اندماجهــم فــي ســوق الشــغل”.

ولهــذه الغايــة، قدمت اللجنــة المذكورة أربعــة اقتراحــات: أولها ضمان استقلالية مؤسسات التعليم العالي، ثانيا جعــل الطالــب فــي صلــب إصلاحــات وإجــراءات تحســين أداء التعليــم العالــي والمهنــي؛ ثالثا، تعزيــز قيمــة التكويــن المهني ثم رابعا، تشــجيع البحــث العلمــي مــن خلال آليــة مســتقلة للتمويــل والتقييــم.

اســتقلالية مؤسســات التعليــم العالــي

بدايــة، يتعلــق الأمــر بضمــان اســتقلالية مؤسســات التعليــم العالــي ومراجعــة طــرق حكامتهــا بهــدف الرفــع مــن نجاعــة أدائهــا. ويجــب وفق المصدر ذاته، أن ترتكــز هــذه الحكامــة الجديــدة على نظــام لقيــادة المؤسســات الجامعية، يكــون شــفافا وذا مصداقيــة وموجهــا نحو حســن الأداء مــن خلال إرســاء تعاقــدات متعــددة الســنوات بيــن هــذه المؤسســات والدولــة تحــدد بموجبهــا الأهــداف المتوخــاة فيمــا يتعلــق ب: بـ “إنتــاج الأبحــاث العلميــة وبــراءات الاختــراع، واســتقطاب الطلبــة وقابليتهــم للإدمــاج فــي ســوق الشــغل، بالإضافة إلى الأثــر علــى الاقتصــاد الجهــوي والوطنــي.

ويضيف التقرير عينه، أنه “يجــب علــى مجلــس الإدارة أن ينتقــل بكيفيــة جذريــة مــن التركيبــة المتضخمــة الحاليــة، إلــى تركيبــة فعالــة. ويجــب أن يكــون المعيــار الأساســي لانتقــاء رؤســاء الجامعــات، ولتوظيــف وترقيــة الأســاتذة، هــو قدرتهــم علــى تطويــر البحــث العلمــي المتميــز ومهــام التكويــن عالــي المســتوى”.

إضافــة إلــى ذلــك، تشير اللجنة وفق تقريرها إلى أنه “يجــب أن تكــون مســاءلة هــؤلاء الرؤســاء وفرقهــم مرتبطــة بنتائــج الجامعــة ارتباطــا وثيقــا. كمــا أن حكامــة هــذه المؤسســات يمكــن أن تســتفيد مــن إشــراك الجهــات فــي تطويــر برامــج البحــث والتكويــن المتخصصــة، فــي انســجام مــع دورهــا فــي مواكبــة تنميــة الاقتصــاد المحلــي. ويجــب علــى هــذه المؤسســات النهــوض بجــودة عرضهــا التكوينــي وتنويعــه، مــع الانخــراط فــي مقاربــات للشــراكة مــع القطــاع الخــاص”.

ودعا التقرير، إلى “اعتماد تشــجيع تكوينــات التميــز علــى مشــاركة القطــاع الخــاص الــذي يمكــن لــه أن يتدخــل فــي إحــداث صياغــة برامــج التكويــن وأن يســاهم بذلــك فــي تســهيل ولــوج الطلبــة إلــى ســوق الشــغل. وبإمــكان المؤسســات المحتضنــة للتكوينــات المتخصصــة تعبئــة أنــواع أخــرى مــن التمويــل غيــر تلــك المبرمجــة فــي إطــار ميزانيــة الدولــة، خصوصــا من خلال الشــراكات بيــن القطاعيــن العــام والخــاص، وتعبئــة الشــراكات مــع القطــاع الثالــث الــذي يهــدف بالضــرورة إلــى تحقيــق الربــح”.

إضافــة إلــى ذلــك، يؤكد التقرير ذاته، أنه “مــن الضــروري ترســيخ المكانـة المركزيــة للطالـب، ســواء فيمـا يخــص وضــع إطــار للمنافسـة بيــن المؤسســات أو فــي تصميــم البرامــج التعليميــة والإدمــاج في ســوق الشــغل. وفــي هذا الإطــار، تدعــم اللجنــة حريــة الطلبــة فــي اختيــار جامعاتهــم بغــض النظــر عــن محــل إقامتهــم، بشــكل يجعــل المؤسســات تتنافــس لاســتقطاب الطلبــة”.

ويتــم تمويــل مؤسســات التعليــم العالــي العموميــة مــن ميزانيــة الدولــة لكــن أيضــا، وجزئيــا، مــن مســاهمة الطلبــة فــي مصاريــف الدراســة بالنســبة لأولئــك القادريــن علــى ذلــك، بمــوازاة مــع آليــة للمنــح الاجتماعيــة ومنــح لاســتحقاق وتطويــر عــرض لقــروض الطلبــة مضمونــة مــن طــرف الدولــة.

التعليم الرقمي

توصــي اللجنــة أيضــا باعتمــاد طــرق بيداغوجيــة جديــدة يتــم التركيــز فيهــا علــى تقويــة كفــاءات الطلبــة، ســواء العلميــة والتقنيــة أو الأفقيــة والســلوكية. ويجــب اعتمــاد الرقميــات فــي إعمــال هــذا التحــول، إذ أن جدواهــا وفعاليتهــا فــي التعليــم والتكويــن لا تحتاجــان إلــى دليل، ذلك أن أزمة كوفيد -19 أكدت وسرعت إدراك هذه الحقيقة.

ومــن شــأن اســتعمال الرقميــات أن يُغيــر بعمــق النمــوذج الاقتصــادي المتعلــق بالتعليــم العالــي، الــذي يتيــح تقديــم برامــج تكويــن عــن بعــد تتــوج بشــهادات لأكبــر عــدد مــن الطلبــة وبأقــل تكلفــة. عـلاوة علــى ذلــك، يجــب أن يدمــج إتقــان أساســيات الرقميــات فــي جميــع شــعب التكويــن ابتــداء مــن الســلك الأول مــن التعليــم العالــي، وأن يكــون الولــوج إلــى التجهيــزات والشــبكات الرقميــة متاحــا لــكل الطلبــة.

وتقــر اللجنــة الخاصــة بالنمــوذج التنمــوي بالــدور المحــوري والتكميلــي الــذي يجــب أن يلعبــه التكويــن المهنــي، إلــى جانــب التكويــن الجامعــي، فــي إعــداد الكفــاءات الضروريــة لمواكبــة احتياجــات مختلــف القطاعــات الاقتصاديــة الوطنيــة وتوفيــر آفــاق للشــغل للشــباب.

وتدعو اللجنــة في تقريرها إلــى التعجيــل بإعمــال خارطــة الطريــق المتعلقــة بمــدن المهــن والكفــاءات المقــرر إنجازهــا على مســتوى الجهــات الاثنتــي عشــر للمملكــة، إلــى جانــب الإشــراك القــوي للقطــاع الخــاص فــي حكامــة هــذه المؤسســات وفــي تحديــد الحاجيــات مــن الكفــاءات علــى المســتوى الجهــوي وفــي صياغــة برامــج التكويــن. لــذا، توصــي اللجنــة بإلحــاح بالاســتثمار قبــل كل شــيء فــي توظيــف وتكويــن المكونيــن وفــي هندســة التكويــن لاســيما فيمــا يخــص المهــارات الشــخصية “الناعمــة”.

تطوير البحث العلمي 

وتقول اللجنة المذكورة، إن “نمــاء المغــرب لــن يكــون ذا شــأن إلا إذا اســتند علــى بحــث علمــي متميــز داخــل الجامعــات”، ويتوقــف هــذا الأمــر أساســا علــى هيكلــة نظــام البحــث العلمــي مــن خلال إنشــاء آليــة صارمــة للتقييــم العلمــي.

وأبرز المصدر عينه، أنه يتطلــب تطويــر البحــث توســيع أعــداد الطلبــة علــى مســتوى الدكتــوراه فــي ســياق الإحالــة الكثيفــة للأســاتذة علــى التقاعــد، وتقويــة الانفتــاح علــى العالــم (بالتعــاون مــع كبريــات الجامعــات الدوليــة وكــذا الاعتمــاد علــى الكفــاءات المغربيــة بالخــارج). كمــا اقترحت اللجنة أن يضم الجيــل الجديــد مــن الباحثيــن فــي ســلك الدكتــوراه أفضــل الطلبــة فــي البـلاد، والذيــن يجــب، بالإضافــة إلــى تخصصاتهــم العلميــة، أن يســتفيدوا مــن تكوينــات فــي مهــن ووســائل البيداغوجيــا والتعليــم وكــذا اللغــات الأجنبيــة، وبالخصــوص الإنجليزيــة.

المصدر: 2M

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق