الصحافة _ كندا
تشهد صادرات المغرب من فاكهة الأفوكا (الأفوكادو) نحو السوق الإسبانية انتعاشًا غير مسبوق، بعدما سجلت ارتفاعًا بنسبة 89% خلال شهر يناير 2025، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقًا لما كشفت عنه صحيفة AenVerde المتخصصة في الشؤون الفلاحية.
وجاءت هذه القفزة اللافتة في الصادرات المغربية في وقت تعرف فيه السوق الإسبانية، وخصوصًا في جهة فالنسيا، انخفاضًا حادًا في أسعار الأفوكا المحلية، مما أثار موجة من القلق في صفوف المنتجين الإسبان الذين حمّلوا الواردات القادمة من دول الجنوب، وعلى رأسها المغرب، مسؤولية هذا التراجع السعري.
وبحسب أرقام منظمة La Unió Llauradora الفلاحية الإسبانية، تراجع ثمن فاكهة الأفوكا من صنف “Lamb Hass” الأكثر انتشارًا في فالنسيا، من 2.44 يورو/كلغ في مارس 2024 إلى 1.73 يورو/كلغ في مارس 2025، أي بانخفاض قارب 29%.
ويُعزى جزء كبير من هذا الانخفاض، حسب المصدر ذاته، إلى الطفرة الكبيرة في الواردات القادمة من المغرب، التي بلغت 14.187 طنًا خلال يناير وحده، مما ساهم في إغراق السوق وتراجع الطلب على المنتوج المحلي، في وقت يُعد فيه المغرب، إلى جانب كل من بيرو وشيلي، من أبرز المصدّرين إلى إسبانيا.
وفي المغرب، يمثل هذا التحول نقطة قوة اقتصادية جديدة ضمن استراتيجية تنويع الصادرات الفلاحية التي تتبناها المملكة، خاصة بعد النجاحات التي حققتها في قطاع الطماطم والحوامض خلال السنوات الماضية.
وتشير مؤشرات رسمية إلى أن المغرب بات يُراهن بقوة على فاكهة الأفوكا كمحصول استراتيجي موجه للتصدير، نظرًا لارتفاع الطلب العالمي عليه وارتفاع هامش الربح مقارنةً بمحاصيل أخرى.
لكن هذا النجاح ليس بلا تحديات، فالتوسع في زراعة الأفوكا يثير تساؤلات بيئية متنامية داخل المغرب، خاصةً فيما يتعلق بمدى استهلاك هذه الفاكهة للمياه، في سياق أزمة مائية خانقة تعرفها المملكة منذ سنوات.
وقد نبّه خبراء إلى ضرورة ربط توسيع زراعة الأفوكا بمعايير استدامة واضحة، تحفظ الموارد وتوازن بين الربح الاقتصادي والأمن البيئي.
ونجاح المغرب في دخول أسواق جديدة وزيادة صادراته يضعه اليوم في واجهة المنافسة الفلاحية الأوروبية، حيث تُمارس بعض الهيئات الفلاحية الإسبانية ضغوطًا متزايدة على حكومة مدريد والاتحاد الأوروبي من أجل مراجعة شروط الاستيراد من دول الجنوب، متذرعين بـ”عدم تكافؤ الشروط الإنتاجية والبيئية”.
من جهة أخرى، يرى محللون اقتصاديون أن ارتفاع الصادرات المغربية من الأفوكا، والتوجه نحو أسواق تقليدية لإسبانيا وفرنسا، يعكس قدرة الفلاحة المغربية على كسب رهان التصدير، رغم تحديات المناخ وندرة المياه وغياب الدعم المماثل لما تحظى به الفلاحة الأوروبية.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه الفلاحون الإسبان عن “إغراق السوق”، يرى المصدرون المغاربة في هذا الارتفاع فرصة ذهبية لتعزيز موقع المغرب كقوة فلاحية إقليمية.
ومع تزايد الاستثمارات في سلاسل التبريد والتوضيب والتصدير، يُرتقب أن تتوسع المساحات المخصصة للأفوكا أكثر فأكثر، لا سيما في المناطق ذات المناخ الرطب كـ العرائش، تطوان، وسوس.