الصحافة _ وكالات
تثير قضية المغاربة العالقين في الخارج والمغاربة حاملي جنسيات أخرى أو مقيمين بدول أخرى قلقاً في ظل تمسك السلطات المغربية بإغلاق الحدود البرية والمجال الجوي، وتسبب الموقف الرسمي المغربي، بالإضافة إلى انتقادات هيئات ومنظمات حقوقية مغربية، في إرباك بعلاقة الرباط مع عدد من العواصم الأوروبية.
وفي رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، طالب المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أقوى الهيئات الحقوقية المغربية)، بالتدخل العاجل من أجل تسهيل عودة المغاربة العالقين خارج التراب الوطني ومدينتي سبتة ومليلية المغربيتين اللتين تحتلهما إسبانيا.
وقالت الجمعية الحقوقية في رسالتها إنها تلقت «اتصالات وطلبات تدخل ورسائل مفتوحة من عدد من المواطنين المغاربة العالقين في عدد من دول العالم، وعدد من المواطنين العالقين في المدينتين المحتلين سبتة ومليلية، في ظل الحالة الاستثنائية التي يعيشها العالم ــ بما فيه بلادنا ــ على إثر تفشي جائحة كوفيدـ19، التي فرضت على الدول اتخاذ إجراءات شاملة وغير مسبوقة، خاصة إقفال الحدود ووقف حركة التنقل ما بين الدول، وقرارات إلغاء الرحلات من وإلى المغرب، مما حال دون عودتهم إلى أرض الوطن».
وأوضحت الجمعية أنه «تزداد معاناة هؤلاء المواطنين المحاصرين في عدد من الدول: إسبانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، تركيا و…، في ظروف لا إنسانية تهدد حياتهم بسبب الحالة العامة المرافقة للوضع الوبائي السائد، وتأثيرها على وضعهم النفسي والصحي والمادي والاجتماعي، الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم خاصة مع تواجد نساء حوامل، مرضى، أطفال، وأرباب أسر، في الوقت الذي لم تقم السلطات المغربية بأي تدخل، أو تجاوب أو رد على محاولاتهم الاتصال بالمسؤولين المغاربة».
وطالبت الجمعية رئيس الحكومة بـ»التدخل العاجل واتخاذ إجراءات عاجلة تهم وضعهم وتمكينهم من الرجوع إلى مدنهم، خاصة وأنهم مستعدون لنفس الشروط التي تم فيها تنقيل الطلبة المغاربة بمدينة يوهان الصينية قبل أسابيع؛ والترخيص لهم بالعودة إلى الوطن وذلك قياساً بالترخيص الممنوح للمواطنين الأوروبيين من أجل العودة لبلدانهم».ويرى المسؤولون المغاربة أن الوضع الصحي والإمكانيات والتجهيزات لا تحتمل دخول آلاف من المغاربة العالقين في دول تفشى فيها الوباء، وتبذل السفارات والقنصليات المغربية جهوداً لتأمين إقامات للمغاربة في الدول المعتمدة فيها، بانتظار فتح الحدود، وطالب المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، في وقت سابق، كلاً من مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وناصر بوريطة، وزير الخارجية، ونزهة الوافي، الوزيرة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، بالتدخل لإعادة المغاربة العالقين في فرنسا الذين يتابع وضعيتهم «بقلق بالغ» خاصة وأن أغلبية العالقين أطفال وشيوخ ونساء، و»يعيشون ظروفاً صعبة رغم توفر المبيت بأحد الفنادق، إذ يعيشون في محنة يومية بفعل البعد عن عائلاتهم، كما أن غالبيتهم تنتظرهم التزامات مهنية ومسؤوليات إدارية وواجبات» وضرورة «التدخل العاجل» من أجل إعادة المغاربة إلى بلادهم و»إنهاء المأساة التي يعيشونها» ببرمجة رحلات استثنائية لإعادة العالقين.
وفي هولندا، أحصي أكثر من 400 مغربي عالق منذ الإعلان عن غلق الحدود الجوية والبحرية والجوية، وتولت السفارة المغربية في أمستردام إيواء 20 منهم في فنادق، فيما آخرون اختاروا المكوث بمنازل ذويهم. كما قامت السفارة والقنصليات المغربية في تركيا بإيواء أكثر من ألف مواطن مغربي عالق بتركيا.
وبالنسبة للمغاربة المقيمين في الخارج أو حملة الجنسيات الأخرى، إن كانوا مقيمين في المغرب أو خارجه وهم بعشرات الآلاف فإن القانون المغربي ينص أن المغربي الذي يحمل جنسية أخرى يعامل كمغربي فور دخوله الأراضي المغربية… والسماح بخروج آلاف من حملة الجنسيات الأخرى يشكل خرقاً لقانون الطوارئ الصحي ويحمل إشارة لـ»عدم اهتمام المغرب بحياة وصحة رعاياه».
وجرت اتصالات مكثفة بين عدد من العواصم الأوروبية والرباط، إثر ضغوطات على الحكومات الأوروبية واتهامها بالتمييز العنصري، لعدم إعادتها مواطنيها من أصل مغربي، ما اضطرها إلى التوضيح، وتحميل السلطات المغربية المسؤولية. ويتجه المغرب نحو السماح لمواطنيه الحاملين جنسية بلدان أوروبية، بمغادرة البلاد في رحلات استثنائية ولأسباب صحية واجتماعية. وبدأت السفارة البلجيكية في الرباط باتصالات مع المواطنين المغاربة، الذين يحملون الجنسية البلجيكية، والذين يرغبون في العودة إلى بلجيكا، من أجل إجلائهم في رحلة استثنائية قريبة، يرخصها المغرب.
وقالت صحف بلجيكية إن السماح للمواطنين الأوروبيين المغاربة بمغادرة البلاد يأتي بعد يومين من السماح لمواطنين مغاربة يحملون الجنسية الأمريكية، بمغادرة البلاد في رحلة استثنائية، استجابت فيها الخارجية المغربية لطلب نظيرتها الأمريكية، وغادرت البلاد، أول أمس السبت.
ونقل موقع «هسبرس» عن مسؤولين مغاربة أن وزارة الخارجية المغربية حددت الأسباب الإنسانية والاجتماعية القاهرة للعودة في أسباب طبية أو مخاطر صحية خطيرة، وعلى المهاجر أن يعلل ذلك بشهادة طبية مغربية أو بلجيكية. وهي غالباً الشروط نفسها التي ستسري على باقي الجنسيات الأوروبية. كما اشترطت السلطات المغربية ضرورة وجود أسباب اجتماعية مرتبطة بالشأن الأسري (الآباء والأطفال، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالقاصرين)، أو خطر فقدان الوظيفة، أو إفلاس الشركة بسبب الغياب الطويل.