الصحافة _ وكالات
بدأت تأثير جبهة البوليساريو خلال السنوات الأخيرة بالتراجع في الأمريكيتين، فقد قررت العديد من الدول سحب اعترافها بـ”الجمهورية الصحراوية” التي أعلنتها الجبهة الانفصالية من جانب واحد سنة 1976، فيما اختارت دول أخرى لا تعترف بها أصلا دعم مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب رسميا سنة 2007.
وخلال السنوات القليلة الماضية، شهدت الأمريكيتين حربا دبلوماسية قوية بين المغرب من جهة وجبهة البوليساريو وحلفائها من جهة ثانية، واستطاعت المملكة تحقيق العديد من المكاسب، خصوصا بعدما قررت الدبلوماسية المغربية الانفتاح على الدول التي ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع الكيان الانفصالي.
فبعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى البرازيل صادق مجلس الشيوخ البرازيلي بأغلبية ساحقة على ملتمس يدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وأحال رئيس مجلس الشيوخ، دافي ألكولومبري، يوم الأربعاء الماضي هذا الملتمس على وزير العلاقات الخارجية البرازيلية، المؤيد لمقترح الحكم الذاتي. وتنص الوثيقة، التي حظيت بمصادقة 62 من مجموع 81 عضوا بمجلس الشيوخ، بحسب ما عممته وكالة المغرب العربي للأنباء على أن “دعم البرازيل للمقترح المغربي للحكم الذاتي سيكون منسجما مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومتماشيا مع موقف المجتمع الدولي من أجل البحث عن حل سياسي واقعي وتوافقي لهذا النزاع الإقليمي “.
ويتوزع النواب الذين صادقوا على هذا الملتمس الذي يعد الاول من نوعه الذي يعتمد من قبل مجلس الشيوخ البرازيلي، على الأغلبية والمعارضة، وسبق لمجلس النواب البرازيلي بدوره أن صادق، في ماي من العام الماضي، بأغلبية ساحقة على ملتمس يدعم مبادرة الحكم الذاتي.
من دعم البوليساريو إلى دعم المغرب
وبدأت البوليساريو تفقد حلفاءها تباعا في الأمريكيتين مع تراجع المد اليساري، وعودة الأحزاب الليبرالية إلى الحكم، فقبل سنوات كانت البرازيل أكثر قربا إلى الجبهة الانفصالية، ففي عهد الرئيسة اليسارية ديلما روسيف (1 يناير 2011 – 31 غشت 2016)، والتي تنتمي لحزب العمال، صادق البرلمان البرازيلي في شهر غشت من سنة 2014 على قرار بالإجماع يؤيد الاعتراف بالبوليساريو كدولة، والأكثر من ذلك قارن المشرعون البرازيليون في قرارهم بين قضية فلسطين، وقضية الصحراء.
وجاء آنذاك في نص القرار الذي يخاطب رئيسة البلاد ديلما روسيف “تحظى فخامتك بدعمنا الكامل والمطلق من أجل اتخاذ القرار الذي يتم بموجبه التأسيس لبداية العلاقات الديبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية، بالشروط والضوابط نفسها التي تم بها إنشاء العلاقات الديبلوماسية آنذاك مع دولة فلسطين”.
لكن رغم ذلك لم تتخذ الرئيسة البرازيلية قرار الاعتراف بـ”جمهورية” البوليساريو، خصوصا وأنها كانت تحاول اتخاذ مواقف أكثر اعتدالا فيما يخص القضايا الدولية، سيرا على نهج الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين…
وبعد تولي جايير ميسياس بولسونارو الذي ينتمي للحزب الليبرالي الاجتماعي اليميني المحافظ، في شهر يناير من السنة الجارية حكم البلاد، وتراجع الأحزاب اليسارية داخل البرلمان، بدأت الأمور تأخذ منحى آخر، وانتقلت المؤسسة التشريعية البرازيلية من الدعوة إلى الاعتراف بـ”جمهورية” البوليساريو بالإجماع، إلى دعم مقترح الحكم الذاتي الذي يعتبره المغرب الخيار الوحيد لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء الغربية.
وقبل الموقف الذي تبناه مجلس الشيوخ البرازيلي، سبق للمغرب أن سجل اختراقات دبلوماسية هامة في الأمريكيتين إذ أعاد ربط العلاقات الدبلوماسية مع كوبا، وبعد ذلك قررت كل من باربادوس والسلفادور سحب اعترافهما بـ”جمهورية” الانفصاليين.
ورغم ذلك، تستمر الجبهة الانفصالية في الحديث عن انتصاراتها الدبلوماسية على حساب المغرب باستمرار، إلا أن الحقائق على الأرض تثبت أن السنوات التي كانت تحظى فيها باعتراف متزايد من قبل الدول في القارات الخمس قد ولت، وباتت الآن العديد من الدول تسحب اعترافها بها تباعا دون تسجيل أي اعتراف جديد بها.
ففي بداية الثمانينات كانت حوالي 80 دولة معترفة بالكيان الانفصالي، بينما تصل حاليا إلى 30 في المائة.