الصحافة _ كندا
في مشهد يعيد إلى الواجهة النقاش حول استغلال النفوذ وتسخير الموارد العمومية لخدمة أجندات حزبية، أصدر عامل إقليم سيدي إفني، لحسن صدقي، تعليمات صارمة لرؤساء الجماعات المحلية، تمنع استخدام آليات ومعدات الجماعات لأغراض سياسية وانتخابية، بعد الضجة التي أثارتها صور شاحنة تابعة لجماعة تيوغزة، رُصدت وهي مركونة أمام مرآب منزل أسرة الوزير والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس.
هذا الحادث، الذي تحول إلى قضية رأي عام، كشف عن واحدة من أخطر الممارسات التي تضرب في العمق مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص في المشهد السياسي المغربي. فأن تُستخدم شاحنة جماعية في ظروف غامضة، وسط حديث عن علاقتها بمساعدات جمعية محسوبة على حزب معين، ليس مجرد صدفة بريئة، بل سلوك يطرح تساؤلات حول مدى احترام القوانين المنظمة للحياة السياسية، وحقيقة استقلالية العمل الجماعي عن الأجندات الحزبية.
في مراسلته لرؤساء الجماعات، لم يتردد عامل الإقليم في وصف هذه الممارسات بأنها انتهاك صريح للقانون، وخرق خطير للمادة 94 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات. بل ذهب أبعد من ذلك، حين أكد أن استغلال وسائل الجماعة لمصلحة خاصة يمثل خرقًا لمبدأ تكافؤ الفرص، ويمس بمصداقية تدبير الشأن المحلي.
والخطير، هو الصمت المطبق من الوزير مصطفى بايتاس، الذي رفض التعليق على الموضوع في الندوة الحكومية، وكأن الأمر لا يعنيه، رغم أن اسمه ظل يتردد وسط هذه العاصفة. في حين أن موقفه كان فرصة لإعطاء إشارة واضحة بأن الحكومة لا تتسامح مع استغلال مؤسسات الدولة لأغراض حزبية. لكن الصمت هنا، أكثر بلاغة من أي تصريح!
إن ما حدث في سيدي إفني ليس مجرد خطأ إداري، بل هو مؤشر على خلل بنيوي في الممارسة السياسية المحلية، حيث تصبح الجماعات مجرد أدوات لخدمة طموحات انتخابية، بدلاً من أن تكون مؤسسات تُعنى بتحقيق التنمية المحلية.
