الصٌَحافة _ وكالات
رفضت هيئات وفعاليات حقوق الإنسان بالمغرب، إضافة قادة حراك الريف، تقرير المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، التي أشادت من خلاله بتعاطي المؤسسات الأمنية والقضائية والسياسية مع ملف احتجاجات الحسيمة، التي أسفرت عن مئات الاعتقالات، وعشرات سنوات السجن لنشطائه.
وكان أول تقرير رسمي مغربي حول أحداث حراك الريف، قد اتهم جهات خارجية باستغلال الأحداث ومحاولة الركوب عليها، مشيدا باحترام القانون من طرف السلطات المغربية، متجاهلا تعذيب قائد الحراك، ومسجلا “احتضان” المجتمع المغربي وأحزابه السياسية للقضية.
الزفزافي.. زيادة الجروح
نشر أحمد الزفزافي، ما سماه بالرد الأولي لولده قائد حراك الريف ناصر الزفزافي، تدوينة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، اعتبر فيه التقرير زاد في تعميق الجروح.
وقال في التدوينة المقتضبة، إن “تقرير المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان زاد في تعميق جرح الذاكرة الجماعية بتمجيده لعمل المؤسسة الأمنية التي اقترفت جرائم وتجاوزات في حق بنات وأبناء الريف، والتي كان عناصرها يتفنون في تعذيبي ويتلذذون باغتصابي، وهم يرددون عاش الملك”. وتابع “هذا رد أولي ريثما أتوصل بالتقرير”.
مقدمة استمرار الاعتقال
واعتبر رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عبد الرزاق بوغنبور، أن “من الطبيعي أن يصدر عن المندوبية مثل هذا التقرير لسبب بسيط، وهو أننا أمام مؤسسات لدولة ولقطاعات حكومية لا يمكن إلا أن تدافع عن الأجهزة الرسمية التي قامت بقمع المواطنين”.
وزاد بوغنبور في تصريحات صحافية، إن “المعطيات المقدمة في التقرير غير صحيحة وغير حيادية وتؤكد أن الدولة بدلا من أن تسمع لنبض المحتجين وتعالج القضايا وتطلق سراح المعتقلين السياسيين نجدها تنهج سياسة العصا الغليطة، والتقرير هو مقدمة لاستمرار اعتقال نشطاء حراك الريف”.
وأفاد “سبق للمنظمات الحقوقية المنضوية في الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان أن شكلت لجنة لتقصي الحقائق حول حراك الريف، ووقفت على الحقائق التي تؤكد أنه كان هناك قمع ممنهج من طرف الدولة اتجاه المحتجين لإخراس كل محتج وأنه لا مكان لأي صوت يرتفع على صوت الدولة ولو كان على حق.
تقرير فارغ
هاجم رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، واعتبر أن التقرير الذي قدمه شوقي بنيوب المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان حول أحداث الحسيمة، فارغ ولا يستجيب للمعايير الحقوقية.
وأضاف غالي في الندوة الصحفية التي نظمتها الجمعية، بمقرها المركزي بالرباط، لعرض تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2018، “أنه بدل أن نغير من نظاراتنا ونرتدي نظارات حقوقية، ما لاحظناه في التقرير أنه ارتدى نظارات وزارة الداخلية”.
وتساءل المتحدث عن “سبب عدم تطرق التقرير لوفاة عماد العتابي، وعن تقريره الطبي، وعدم تقديمه لمعطيات حول تسريب فيديو الزفزافي وتصويره عاريا؟”.
وشدد على أن التقرير “كان مجرد تجميع للمعطيات وتكرار ما تقوله وزارة الداخلية وتأكيد لروايتها بصفة يقينية، كما أنه عرض مجموعة مع المغالطات ومنها أن عدد الإصابات في صفوف رجال الأمن في أحداث الحسيمة وصل إلى 400 إصابة، في حين أن مدير مستشفى الحسيمة صرح سابقا بأن المستشفى استقبل 19 من رجال الشرطة فقط”.
ومضى يقول إن التقرير “محاولة لتبييض ما قامت به الدولة، وإدانة للنشطاء، فكيف يعقل أن يحمل المسوؤلية للمواطنين ويبرئ الدولة، خاصة أنه لم يتحدث عن طريقة الاعتقالات والتوقيفات ولا ظروف الاحتجاز والاستنطاق والسجن، وكيفية نزع المحاضر، ولا التعذيب الذي تعرض له المعتقلون وأكده المجلس الوطني لحقوق الإنسان؟”.
واستطرد أن التقرير يؤكد أنه ليست هناك أي بوادر للمصالحة مع الريف، مشيرا أن هناك تخوفا من أن يطوى هذا الملف دون إطلاق سراح المعتقلين، فتوصيات التقرير بنفسها هي مجرد كلام إنشائي، فكيف يعقل أن يدعو لنموذج تنموي جديد في الحسيمة، ونحن لا نعلم لماذا فشلت المشاريع التنموية فيها والتي خصصت لها ملايين الدراهم، ومن أفشلها وكيف؟”.
وشهدت مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف (شمال)، احتجاجات استمرت حوالي 10 أشهر للمطالبة بتنمية المنطقة وإنهاء التهميش ومحاربة الفساد، وفق المحتجين، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016 حتى أغسطس/آب من السنة الماضية، انتهت بحملة اعتقالات واسعة وأحكام قضائية كبيرة بحق حوال 400 شخص.