الصحافة _ كندا
كشفت معطيات جديدة عن حقيقة مرحلة التشغيل التجريبي لمشروع الغاز المسال بحقل تندرارة خلال الأسبوع الجاري، بعد الجدل الذي أُثير حول ما إذا كان المغرب مقبلا على تصدير الغاز.
وأوضحت هذه المعطيات أن المشروع يظل محدود النطاق وموجها حصرا لتلبية حاجيات صناعية داخلية، ولا يشكل بأي حال مؤشرا على دخول المملكة مجال تصدير الغاز المسال.
وبحسب تقرير تحليلي مفصل، فإن ما جرى مؤخرا لا يتعدى تشغيلًا تجريبيا لوحدة صغيرة لإسالة الغاز، أنجزته شركة ساوند إنرجي البريطانية بشراكة مع مانا إنرجي، عقب تدفق الغاز لأول مرة داخل منظومة التجميع. هذه المرحلة تشكل خطوة تقنية تمهيدية قبل بدء التشغيل الكامل للوحدة، دون أن تحمل أي بعد استراتيجي تصديري.
ويؤكد التقرير أن القدرة الإنتاجية للمشروع في مرحلته الأولى لا تتجاوز 100 مليون متر مكعب سنويا، وهي كمية تبقى ضعيفة مقارنة بحاجيات المغرب السنوية من الغاز، التي تقترب من مليار متر مكعب، مع توقعات بارتفاعها بشكل كبير في أفق 2030. كما أن الموارد الغازية المؤكدة في امتياز تندرارة تظل محدودة، ما يجعل المشروع غير مؤهل لا اقتصاديا ولا تقنيا لولوج سوق التصدير.
ويستهدف مشروع تندرارة بالأساس تزويد الوحدات الصناعية الموجودة في المناطق غير المرتبطة بشبكة أنبوب الغاز، خصوصا بشرق وجنوب المملكة. ولهذا الغرض، تم إنشاء وحدة مصغرة لإسالة الغاز قرب الحقل، لإنتاج كميات محدودة تُنقل بواسطة شاحنات وصهاريج إلى الزبناء الصناعيين، مثل مصانع السيراميك وتجفيف الفوسفات وغيرها من الأنشطة التي تعاني من ارتفاع كلفة الوقود التقليدي.
وفي هذا السياق، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة ساوند إنرجي أن الغاز المستخرج سيتم تسويقه محليا عبر شراكة طويلة الأمد مع شركة أفريقيا غاز، التي ستتكفل بنقل الغاز المسال وإعادة تغويزه داخل مواقع المصانع المستفيدة، من خلال تجهيزات صغيرة مخصصة لهذا الغرض. هذا النموذج التشغيلي يعكس بوضوح أن كامل الإنتاج موجه للسوق الوطنية ولا يغادر التراب المغربي.
ويشير التقرير إلى أن المغرب ما يزال بلدا مستوردا للغاز، يعتمد على الإمدادات القادمة من إسبانيا عبر الأنبوب، إضافة إلى واردات الغاز المسال التي يُنتظر تعزيزها مستقبلا بوحدة التخزين وإعادة التغويز العائمة بميناء الناظور.
كما يؤكد غياب أي توجه رسمي أو إستراتيجية معلنة تشير إلى نية تصدير الغاز، إذ تركز السياسة الطاقية الحالية على تقليص التبعية الخارجية، وخفض فاتورة الاستيراد، وتعزيز الأمن الطاقي الوطني.
ورغم محدودية حجمه، يُعد مشروع تندرارة لبنة مهمة في مسار الانتقال الطاقي بالمغرب، لما يوفره من وقود أنظف للصناعة، ويساهم به في تقليص الاعتماد على الفحم، وتحسين تنافسية النسيج الصناعي، وجذب استثمارات جديدة إلى قطاع الغاز، ضمن مقاربة واقعية تقوم على تلبية الحاجيات الداخلية قبل أي رهانات خارجية.














