الصحافة _ كندا
عادت صخرة باديس، أو “فيليز دي لا غوميرا” كما تسميها مدريد، إلى واجهة التوتر الصامت بين المغرب وإسبانيا، بعدما باشرت البحرية الملكية الإسبانية منذ 4 يوليوز تحركات جديدة لتعزيز وجودها العسكري قرب الساحل الشمالي المغربي، بنشر سفينتين حربيتين في محيط هذه النقطة الاستراتيجية المتصلة فعليًا بتراب الحسيمة عبر ممر رملي ضيق.
وتقع الصخرة التي يراها المغرب ضمن “الجزر المحتلة”، على مقربة من قرية الجمعة باديس، وتُصنّف ضمن المواقع التي تطالب الرباط باسترجاعها منذ استقلالها، إلى جانب صخرة النكور والجزر الجعفرية، رغم أنها لا تُدرج رسميًا ضمن ملفات النزاع الكبرى مثل سبتة ومليلية.
التحرك العسكري الجديد شمل نشر السفينة “فورور” التابعة لأسطول كارتاخينا، والمكلفة بمهام مراقبة الملاحة والأمن البحري، إلى جانب السفينة “مار كاربي” التي تتولى الأدوار اللوجيستية والتقنية، بما في ذلك الإمداد بالوقود والماء والدعم الميداني، وهي مجهزة للمشاركة في عمليات الإنقاذ وسحب السفن المتوسطة والتدخل الطارئ.
وأكدت البحرية الإسبانية في بلاغ رسمي مرفق بصور أن الوجود العسكري الدائم في الصخرة يعود إلى عام 1564، ويشمل تمركز جنود من وحدة “رِغولاريس ميلية 52” التي تُعد من بين الفرق العسكرية التاريخية في الجيش الإسباني، وتعمل حاليًا تحت إشراف قيادة جزر الكناري.
وتأتي هذه التحركات في ظل سياق إقليمي مضطرب يشهد تصاعدًا في الضغط المرتبط بالهجرة غير النظامية، والأزمات البحرية في غرب المتوسط، ما يضفي بعدًا ردعيًا على التمركز الإسباني، ويُفسَّر كرسالة سياسية واضحة بأن مدريد تُشدد قبضتها على المواقع البحرية الحساسة المتاخمة للمغرب.
ورغم غياب أي مواجهة مباشرة بشأن الصخرة، فإن المغرب لم يتخلّ يومًا عن إدراجها ضمن مطالبه السيادية، وإن كان الخطاب الرسمي يُبقي هذه المطالب في الظل مقارنة بالقضايا الحدودية المفتوحة، حيث لا تُثار المسألة في المنتديات الدولية، وتبقى ضمنيًا حاضرة في خطابات الوحدة الترابية.
بالنسبة لإسبانيا، لا مجال للغموض، إذ تعتبر صخرة باديس جزءًا من أراضيها الوطنية، ولا تقبل أي تفاوض بشأنها. لكن في قلب هذا الجمود، تبقى الصخرة شاهدًا رمزيًا على توازن هش في العلاقة المغربية الإسبانية، حيث تتحرك الأساطيل بصمت، وتُقرأ كل خطوة من الضفتين في ضوء معادلات السيادة والموقع.