الصحافة _ الرباط
بعد استنزافه لملايير الدراهم ضمن سلسلة من المشاريع كشف ادريس جطو ان برنامج مدن بدون صفيح يغرق في جملة من الاختلالات البنيوية التي تعيد تفريخ “الكاريانات” من جديد، وقال “ما دام المدخل في المغرب للحصول على السكن هو البراكة، فإن البراريك ستتسمر”.
وكشف جطو في عرض قدمه أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، عددا من التلاعبات التي شابت هذا البرنامج، الذي انطلق منذ سنة 2004منتقدا “التغييرات المتكررة لأهداف برنامج مدن بدون صفيح، والتي أصبحت متجاوزة أمام الزيادة المطردة في عدد الأسر القاطنة في أحياء الصفيح”.
التقرير الأسود الذي أصدره المجلس أكد أن البرنامج يتوخى حاليا معالجة 472.723 أسرة موزعة على 85 مدينة ومركز حضري، بدلا من 217.560 أسرة ب 70 مدينة ومركز حضري في سنة 2004، أي بزيادة قدرها 75في المائة، ومتوسط زیادة سنوي يتجاوز 10.669 أسرة” مضيفا بانه”وأمام التغيير المتكرر لمؤشرات أدائه، تحول البرنامج الى مجموعة من الإجراءات التصحيحية لصالح الأسر القاطنة بأحياء الصفيح والتي تتزايد أعدادها بصفة دائمة، مما أضر بقابلية قراءة مؤشرات أداء برنامج مدن بدون صفيح”.
ونبه التقرير للتعقيدات التي اعترت البرنامج، لاسيما على مستوى المدن الكبرى، مضيفا أنه “لمواجهة تلك التحديات، يتم حاليا اعتماد مقاربة جديدة ترتكز على إدماج البرامج المحلية وفق منطق شمولي ورؤية جهوية، خاصة في الرباط والدار البيضاء ومراکش وذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية.
ورصد المجلس عدد من الاختلالات منها “عدم الوفاء بالمواعيد النهائية، وإعلان مدن “بدون صفيح” رغم عدم استيفاء الشروط، مشيرا إلى أنه “حتى نهاية سنة 2018، تم إعلان 59 مدينة “بدون صفيح” من بين 85 مدينة ومركز حضري شملها البرنامج، فيما بلغ العدد الإجمالي للأسر المستفيدة 87.845 أسرة، موردا أن 26 مدينة لم يتم الإعلان عنها بعد، مما راكم تأخيرا وصل أحيانا إلى أكثر من عشر سنوات”.
ونسب التقرير ذلك إلى “البرمجة الزمنية العشوائية والجدولة الجد طموحة، بالإضافة الى عدم التحكم في الصعوبات التقنية والمالية”، وكذا “إغفال البعد الاجتماعي للبرنامج”، مسجلا أن معدل الإنجاز بلغ في ال 26 مدينة التي لم يتم الإعلان عنها بعد “بدون صفيح” حوالي 48في المائة.
وقال التقرير انه في “غياب معايير دقيقة تسمح بإعلان المدن خالية من أحياء الصفيح، يتم إعلان بعض المدن “بدون صفيح” على الرغم من استمرار جيوب أحياء الصفيح فيها، كما هو الشأن في مدن مثل الخميسات، الفقيه بن صالح، والحاجب.
التقرير الذي يهم الفترة ما بين 2008 إلى 2018، كشف أيضا عن عدد من التلاعبات التي يقف وراءها سكان الأحياء الصفيحية، وقال إن “الإقامة في هذه الأحياء تشكل فرصة للاستفادة من السكن، حيث أن مجموعة من المواطنين، يترقبون الفرص للاستفادة من بقع إعادة الإيواء والتي يفوق قيمتها السوقية بكثير ما يطلب من المستفيدين” .
وأفاد التقرير بأن “78 في المائة من المستفيدين هم الملاك الأصليين للمساكن سواء الشقق أو البقع”، موضحا أن “حاجة المستفيدين للمال تدفهم لبيع البقع التي يحصلون عليها”، وهذه الفئة تقدر نسبتها بـ”61 في المائة” حيث طالب المجلس بوضع حد للانطباع السائد والذي يوحي بأن الاستفادة من المساعدة العمومية حق مضمون لكل قاطن بالسكن غير اللائق”.
و أوصى المجلس الأعلى للحسابات في تقريره، الحكومة لا سيما الوزارة المكلفة بقطاع الإسكان، بمعالجة بعض النواقص التي تحول دون التحكم الجيد في البرامج العمومية، خاصة تلك المتعلقة بمحاربة السكن غير اللائق أبرزها ضبط عدد المستفيدين، مع تحديد معايير أهلية موحدة، وقاعدة بيانات موثوقة؛ إذ كشف التقرير أنه لا توجد وثيقة للبرنامج تحد معايير الاستفادة ويترك التقدير للجنة الاقليمية.
ومن بين ما أوصى به جطو ” وضع مخطط تمويل واقعي والحرص على احترامه، وتصفية الوعاء العقاري وعقلنة استغلاله مع احترام آجال تنفيذ العمليات مع تنسيق أفضل وأشمل وتحديد واضح لمسؤوليات مختلف المتدخلين”ـ فضلا عن “اعتماد مقاربة متكاملة للتنمية البشرية تتجاوز هدف “الإسكان” لتشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في مواقع الاستقبال الجديدة من خلال توفير أنشطة مدرة للدخل كالتجارة، ومناطق النشاط الصناعي وغيرها، مع التوفير المبكر قدر الإمكان للخدمات العامة الأساسية في الأحياء الجديدة، لا سيما التعليم والصحة والنقل والأمن.