الصحافة _ كندا
في أول خروج إعلامي له بعد زيارته الرسمية إلى الجزائر، وجّه مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رسالة سياسية واضحة المعالم: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يظل الحل الوحيد والواقعي لإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء. هذا التصريح، الذي أدلى به لصحيفة “الوطن” الجزائرية، لم يكن مجرّد توضيح بروتوكولي، بل تأكيد مباشر على استمرارية الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، رغم كل محاولات التشويش والتأويل.
بولس لم يكتف بالتصريح للإعلام، بل ناقش الموضوع بشكل مباشر مع الرئيس عبد المجيد تبون ووزير الخارجية أحمد عطاف، خلال محادثات رسمية في العاصمة الجزائر. والمثير أن السلطات الجزائرية اختارت الصمت التام تجاه هذه النقطة الجوهرية، ولم تُصدر أي بلاغ رسمي حول مضمون المحادثات المرتبطة بالنزاع، في خطوة فسّرها مراقبون بكونها تعبيراً عن امتعاض ضمني من الموقف الأمريكي المتجدد والداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية.
وبينما راهنت بعض الأوساط الجزائرية والموالية لجبهة البوليساريو على غياب محطة مغربية في جولة بولس لترويج فرضية “تراجع واشنطن” عن موقفها، جاء التصريح من قلب الجزائر ليُجهِز على تلك التأويلات. بل الأكثر من ذلك، جاءت برقية الرئيس دونالد ترامب إلى الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، لتُعيد تأكيد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ودعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي كحل “وحيد، عادل، ودائم”، على حدّ تعبيره.
الرسالة الأمريكية كانت دبلوماسية في لغتها، لكنها حاسمة في مضمونها. لقد كرّست مرة أخرى أن واشنطن، بغض النظر عن إدارة البيت الأبيض، ترى في المقترح المغربي الإطار الوحيد الذي يضمن تسوية سياسية واقعية ومتوافقة مع قرارات مجلس الأمن، بعيداً عن الطروحات الانفصالية التي أثبتت عقودٌ من الجمود فشلها العملي.
ويبدو أن زيارة بولس وتصريحات ترامب أعادت ضبط المعادلات الإقليمية في لحظة كانت الجزائر تراهن فيها على تحولات ظرفية. إلا أن الثابت في الموقف الأمريكي، كما عبّر عنه بولس وروبيو وترامب، يكشف عن إدراك عميق بأن الاستقرار في شمال إفريقيا يمر عبر حل سياسي براغماتي، تُجسّده مبادرة الحكم الذاتي المغربية، لا عبر مشاريع وهمية تغذي الانقسام وعدم الاستقرار.
إن ما وقع خلال الأيام الماضية لم يكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل تذكير صارم بأن قضية الصحراء لم تعد فقط ملف نزاع إقليمي، بل ورقة تحدد المواقف الجيوسياسية، وتصوغ التحالفات الاستراتيجية، في عالم تتغير ملامحه بسرعة، ولكن يحتفظ فيه المغرب بموقع راسخ وثقة دائمة من شركائه الدوليين.