بقلم: وحيد مبارك
تسببت الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19 التي أصابت العالم بأسره وطالت بلادنا في قتامة وألم كبيرين، جراء فقدان عدد من الأحباب والأصدقاء الذين غادروا الدنيا في غفلة من الجميع، بعد أن أرخى الوباء بثقله وظلاله صحيا واقتصاديا واجتماعيا، وخلال هذه المدة منذ 20 مارس 2020 إلى اليوم كانت الكلفة ثقيلة.
هذا ما أحسسناه جميعا، خاصة الفئات الهشة والفقيرة، لكن وبالنظر لوضع نظامنا الصحي واقتصادنا، فإنه لا يمكن أن ننكر أننا خرجنا بأقل الخسائر مقارنة مع دول كبرى، لها منظومة صحية جد متطورة وتعتبر من أقوى الاقتصادات في العالم.
فتبعات الفيروس الذي نخر أجساد العديد من المغاربة ومهما بلغت صعوبتها لا يمكن إلا وصفها بالخفيفة، بفضل التدابير الاستباقية التي تم القيام بها تفعيلا لتعليمات الملك محمد السادس، مما خفّف من دائرة انتشار العدوى في مرحلة من مراحل الجائحة، وساهم في التخفيف من وقعها على عدد من الفئات. ثم جاء القرار الحكيم المتمثل في توفير اللقاح وتنويع مصادره لحماية الأشخاص المتقدمين في السن والمصابين بأمراض مزمنة، وهو ما تحقق بفضل الضمانة الملكية والإشراف الملكي المباشر، لأنه لولا تلقيح حوالي 10 مليون مغربي ومغربي بجرعتين كاملتين، لكنا في وضع لا نحسد عليه اليوم أمام شراسة الفيروس ومتحوراته، خاصة فيروس دلتا، ولأصبحت مصالح الإنعاش والعناية المركزة مكتظة عن آخرها، ولفعل الاحتراق المهني فعلته في صفوف مهنيي الصحة، ولكان عدد الضحايا أكبر.
هذه الحملة الوطنية للتلقيح التي ما كانت لتكون لولا التدخل الملكي، وهو ما يترجم قولا وفعلا، ما صرّح به الملك محمد السادس في أحد الخطب الملكية، حين شدد على كونه مهتم جدا بصحة المغاربة كما لو تعلق الامر بصحة فرد من أفراد الأسرة الملكية. هذا التصريح والتأكيد ترجمته القرارات اللاحقة، سواء على مستوى مواجهة الجائحة وتوفير اللقاح للمغاربة، أو تعميم التغطية الصحية أو غيرها، وإن كانت تسجل بعض الهفوات والأخطاء بين الفينة والأخرى، فهي ترتبط بتدبير بعض الأشخاص الذين قد يكونون خارج السياق وفي وضعية شرود، أمام السياسة العامة المسطرة فأهدافها واضحة وفلسفتها وروحها لا غبار عليها، وهذا أمر يجب علينا أن نستحضره وأن نكون ممتنين له، لأن بلادنا استطاعت أن تحقق ما لم تحققه غيرها، ووجب على جميع المسؤولين التحلي بنفس روح المسؤولية والدينامية الجماعية لكي يكون مغرب الغد أفضل من مغرب الأمس وأحسن حالا من مغرب اليوم، لأن الامتحانات التي نمر منها تؤكد على أن القدرة على الإبداع والعمل والاجتهاد موجودة، ومن لم ينخرط في هذه الدينامية يجب أن يكون خارجها حتى لا يصبح أداة فرملة وعائقا أمام التنمية المنشودة.