الصحافة _ وكالات
نشر صندوق النقد العربي يوم الأحد 12 أبريل الماضي، دراسة تحت عنوان “التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا المستجد على الدول العربية” تناولت التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا على الدول العربية، بسبب تراجع مستويات الطلب العالمي من جهة، وكذا تأثيره على عدد من القطاعات الانتاجية والخدمية المهمة من جهة أخرى. كما أشارت الدراسة إلى السياسات الاقتصادية والإجراءات الاحترازية التي تبنتها الحكومات العربية للحد من التأثيرات السلبية الناتجة عن الفيروس على النشاط الاقتصادي.
وأوضح الصندوق الذي يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقرا له، أن تفشي الفيروس يشكل عبئا إضافيا على حجم الدين العام في الدول العربية، سيما وأن الإجراءات الحالية سوف تؤدي إلى زيادة إجمالي الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام القادمة، مشيرا إلى قرار الحكومة المغربية السماح بتجاوز سقف الدين لعام 2020 بنحو 3 مليار دولار أمريكي بسبب جائحة كورونا.
وعن تأثير الجائحة على الأسواق المالية العربية، أكدت الدراسة أن بعض البورصات العربية سجلت خسائر مفاجئة جراء انخفاض أسعار أسهم الشركات الكبرى لمدرجة خلال شهر مارس، حيث يعتبر سوق دبي المالي من أكثر الأٍسواق تأثرا إذ تراجع مؤشر السوق بنسبة 21,7 في المائة، فيما تراجعت بورصة البحرين ب14,9 في المائة، وهبطت سوق الأسهم في سوق الدوحة للأوراق المالية بنسبة 13,8 في المائة، وكانت بورصة القيم بالدار البيضاء أقل تأثرا إذ شهدت تراجعا بـ2,2 في المائة.
وفيما يخص الحزم التحفيزية التي قامت بها الدول العربية، تحدثت المؤسسة المالية التي رأت النور سنة 1976 عن إنشاء المغرب لصندوق تمويلي بقيمة مليار دولار من أجل دعم القطاعات الاقتصادية الأكثر تضررا، وكدا دعم البنية التحتية للقطاع الصحي.
وإلى جانب المغرب، اتخذت 13 دولة عربية إجراءات لدعم الاقتصاد، تصدرتها الإمارات العربية المتحدة بتخصيص 76.4 مليار دولار للحد من تأثير تفشي الفيروس المستجد، تليها السعودية بـ34.4 مليار دولار، ثم قطر بـ23.4 مليار دولار، وعمان بـ20 مليار دولار، فالبحرين بـ12 مليار دولار، متبوعة بمصر بـ7.7 مليار دولار، والكويت وتونس بـ1.6 مليار دولار، والأردن بـ1.5 مليار دولار، والمغرب بمليار دولار.
كما بعض العديد من الدول العربية إلى تعديل أسعار الفائدة الرئيسة في مارس 2020، حيث عدل المغرب نسبة الفائدة بواقع نقطة مئوية واحدة، وانتقلت من 3.5 إلى 2.5 في المائة، فيما تراجعت في تونس من 7.8 إلى 6.8 و في مصر من 12.8 إلى 9.8 وفي السعودية من 2.5 إلى 1.
ويبقى القطاع السياحي بحسب ما تؤكد الدراسة من أكثر القطاعات تضررا، نظرا للجهود الدولية للحد من الوباء والقيود التي فرضت على حركة السفارة والسياحة بين الدول. وبدا القطاع عاجزا عن استيعاب الصدمة خصوصا وأن 80 في المائة من القطاع يتكون من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ويلعب القطاع السياحي دورا مهما في دعم الاقتصاد المغربي، وأشارت الدراسة إلى أن المغرب يحتل المرتبة الخامسة عربيا والـ65 عالميا في مؤشر تنافسية السفر والسياحة العالمي لسنة 2019.
وأوضحت الوثيقة ذاتها أن توفير تدابير وإجراءات تعويضية للفاعلين في قطاع السياحة يعتبر من ضمن الأولويات التي يجب أن تركز عليها الدول العربية نظرا لأهمية القطاع في توفير فرص العمل، ودعم الناتج المحلي الإجمالي، ودعم تجارة الخدمات، وتوفير العملة الصعبة.
من جهة أخرى، أكد الصندوق أن الدول العربية المستوردة للنفط ومن بينها المغرب تواجه ظروفا استثنائية تتمثل في عجز الميزانيات العامة، “وربما تكون الفرصة سانحة أمامها للاستفادة من الانخفاض المفاجئ في أسعار النفط لتحقيق وفرة مالية باعتبار أن تقديرات ميزانية 2020 قد بنيت على فرضيات أسعار مرتفعة نسبيا عن الأسعار الحالية”.
وأوضحت الدراسة أنه بإمكان هذه الدول “عكس هذه الوفرة المتوقعة من فروقات أسعار النفط لتمويل حزم التحفيز والتدابير التعويضية وبالأخص دعم الأفراد ولشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في المجالات المتضررة على رأسها النقل الجوي والسياحة”.
وبالرغم من أن السياسات التحفيزية سوف تساعد على تحفيز الطلب الكلي في الاقتصاد من خلال تحفيز النمط الاستهلاكي وتشجيع الاستثمار، إلا أن الصندوق دعا الحكومات العربية إلى الاحتراز من تداعيات ذلك على ميزانياتها وعلى أوضاع القطاع الخارجية وعلى أسعار صرف عملاتها وعلى تدفقات رؤوس الأموال.
ورغم أنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن الآثار الاقتصادية المحتملة لفيروس كورونا، إلا الدراسة أوضحت أن التوقعات تشير إلى أن الصدمة قد تكون كبيرة بالأخص فيما يتعلق بتوفير مدخلات الإنتاج والسلع الاستهلاكية المستوردة.