الصحافة _ كندا
مع اقتراب ساعة الحسم الانتخابي، اشتدت حمى الشائعات والتشهير بين الأحزاب السياسية المغربية، في مشهد يكشف عن انزلاق خطير نحو شخصنة الصراع السياسي بدل التنافس حول البرامج والرؤى. فمع بقاء موسم سياسي واحد على نهاية الولاية الحكومية، تحوّلت المنابر والوسائط إلى ساحات قتال مفتوحة، لا تفرق بين خصم سياسي ومعسكر حليف.
ويرى متابعون للشأن السياسي أن ما يجري اليوم لا يرقى إلى مستوى النقاش الديمقراطي، بل هو أقرب إلى “حرب نفسية” ممنهجة، غايتها زعزعة استقرار الأحزاب المنافسة وتشويه صورها لدى الرأي العام. وأصبحت الشائعة، حسب وصفهم، أداة يومية في يد بعض الفرقاء، تستعمل لتصفية الحسابات، وإضعاف الروح المعنوية للخصوم، وحتى لنسف الثقة داخل الأحزاب نفسها.
الخطير، حسب ذات المتابعين، أن الشائعات لم تعد سلاح المعارضة ضد الحكومة، بل تسللت إلى قلب الأغلبية نفسها. فخلال الأسابيع الأخيرة، فجّرت تصريحات نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، عاصفة من الجدل داخل التحالف الحكومي، بعدما وصف المستفيدين من الدعم بـ”الفراقشية” داعيًا إلى المحاسبة، ما فُسّر على أنه طعن من الداخل ومزايدة انتخابية مفضوحة.
خرجته أثارت سخطًا واسعًا حتى داخل صفوف المواطنين، حيث تساءل معلقون: “أين كان هذا الصوت سابقًا؟ ولماذا الآن فقط؟ أهو موسم الحملة المبكرة؟”، في إشارة واضحة إلى توظيف قضايا الريع والدعم كورقة انتخابية للضغط والتموقع.
هذا التدهور في مستوى الخطاب السياسي، إن استمر على هذا المنوال، لن يؤدي سوى إلى تعميق الفجوة بين المواطن والسياسة، في وقت تحتاج فيه المملكة إلى جبهة سياسية متماسكة، ونخب نزيهة قادرة على رفع التحديات الإقليمية والدولية.
إن التنافس من أجل الفوز بمقعد نيابي لا ينبغي أن يتحوّل إلى معركة لتخريب الثقة السياسية وضرب الاستقرار المؤسساتي. فالمغرب، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى خطاب مسؤول، ونخب ترتقي إلى مستوى التحديات لا إلى تصفية الحسابات.