الصحافة _ كندا
بعد أكثر من ثلاثة عقود من الألم والمعاناة، طُويت أخيرًا صفحة مظلمة في حياة المغربي أحمد توموهي، الذي قضى 15 عامًا خلف القضبان وثلاث سنوات تحت الإفراج المشروط، بسبب جريمة لم يقترفها. ففي شهر ماي الجاري، أعلنت المحكمة العليا الإسبانية إلغاء الإدانة الثالثة والأخيرة بحقه، بعد أن ثبتت براءته بشكل قاطع.
توموهي، البالغ من العمر اليوم 74 عامًا، كان قد وصل إلى إسبانيا سنة 1991 باحثًا عن مستقبل أفضل، غير أن أحلامه تحطمت بعد ستة أشهر فقط من استقراره في كتالونيا، حين ألقي القبض عليه بتهمة المشاركة في سلسلة من جرائم الاغتصاب، لمجرد أنه يشبه الجاني الحقيقي، أنطونيو كاربونيل غارسيا، الذي ألقي عليه القبض لاحقًا.
صحيفة فوزبوبولي وصفت قضية توموهي بأنها من “أكبر المظالم القضائية في تاريخ إسبانيا المعاصر”، مشيرة إلى أن الإدانة اعتمدت فقط على “تعرف بصري” من طرف بعض الضحايا والشهود، في تجاهل صادم لتحليل الحمض النووي الذي كان قد استبعد تورطه منذ البداية.
ولم يكن توموهي الضحية الوحيدة لهذا الخطأ القضائي؛ فقد أدين في نفس الملف عبد الرزاق منيب، الذي توفي في السجن سنة 2000 دون أن يتمكن من إثبات براءته. وقد وثّق الصحفي الاستقصائي براوليو غارسيا جيان هذه الفاجعة في كتابه “العدالة الشعرية: رجلان مذنبان زورًا في بلد دون كيخوتي”، حيث كشف خبايا الإهمال والتعسف الذي طبع التحقيقات والمحاكمات في هذه القضية.
الصحفي ذاته كان له دور محوري في إعادة فتح الملف، إذ التقى بتوموهي في السجن عام 2006، وقضى سنوات في البحث عن الأدلة التي تؤكد براءته. ووفقًا لشهادته، فإن توموهي عاش “جحيمًا إنسانيًا داخل السجن، ورغم الصبر والكرامة، لم يسلم من اليأس والقهر”.
ورغم هذا القرار القضائي المتأخر، لم تتلقَ عائلة توموهي حتى اللحظة أي اعتذار رسمي أو تعويض من الدولة الإسبانية، ما يعمق جراح الظلم الذي تعرض له لعقود، ويطرح تساؤلات كبرى حول نظام العدالة الجنائية في إسبانيا.