الصحافة _ كندا
اندلع جدل واسع في مدينة وجدة وضواحيها عقب نشر تيلكيل عربي، يوم الإثنين 4 غشت 2025، تفاصيل دراسة علمية حديثة كشفت عن تلوث كيماوي وبكتيري واسع النطاق في المياه الجوفية لسهل أنكاد، المصدر المائي الرئيسي للمدينة. وبينما سارع النائب البرلماني عمر اعنان لمساءلة الحكومة، حاولت الشركة الموزعة للماء احتواء المخاوف ببيان تطميني، لتجد الساكنة نفسها بين معطيات علمية مثيرة للقلق وخطاب رسمي يركز على ضمان السلامة بعد المعالجة.
القصة بدأت مع نشر الدراسة في المجلة العلمية المرموقة Scientific Reports بتاريخ 21 يوليوز 2025، حيث قام فريق بحث من جامعة محمد الأول بوجدة بتحليل عينات من 45 بئراً في سهل أنكاد. النتائج كانت صادمة: نصف العينات تقريباً تجاوزت الحدود المسموح بها من النترات والأملاح وفق معايير منظمة الصحة العالمية، وهو ما يشكل خطراً صحياً حقيقياً، أبرزها الإصابة بـ”متلازمة الطفل الأزرق”. أما على المستوى الميكروبيولوجي، فقد كشفت التحاليل عن وجود مؤشرات واضحة على التلوث البرازي في معظم الآبار، ما يجعل المياه الخام ناقلاً محتملاً لأمراض خطيرة مثل الكوليرا والتيفوئيد. وأرجعت الدراسة هذه الوضعية إلى الأنشطة الزراعية المكثفة، وغياب شبكات الصرف الصحي في بعض المناطق.
تحرك الموضوع سريعاً نحو البرلمان، حيث وجه عمر اعنان، يوم 8 غشت 2025، سؤالاً كتابياً إلى وزير التجهيز والماء نزار بركة، مستنداً إلى نتائج الدراسة، ومطالباً بخطة استعجالية لمراقبة جودة المياه الجوفية وضمان تزويد ساكنة وجدة بمياه صالحة للشرب بشكل آمن ومستدام.
في المقابل، أصدرت الشركة الجهوية متعددة الخدمات للشرق بياناً بعنوان “التزام دائم من أجل صحة المواطن”، أكدت فيه أن المياه الموزعة عبر شبكتها صالحة للشرب وتخضع لمراقبة صارمة، مشيرة إلى أنها أجرت ما يزيد عن 5400 تحليل سنوياً، وأن الفترة ما بين 2022 والنصف الأول من 2025 لم تشهد أي حالة تلوث ميكروبيولوجي في المياه الموزعة. غير أن البيان لم يتطرق بشكل مباشر إلى حالة المياه الجوفية قبل المعالجة، وهو ما يترك جزءاً مهماً من المخاوف العلمية بلا جواب واضح.
الوضع الحالي يعكس فجوة بين المعطيات العلمية التي تحذر من مخاطر التلوث في المصدر، والخطاب الرسمي الذي يركز على سلامة المياه بعد المعالجة. هذه الفجوة تزيد من حالة انعدام الثقة لدى المواطنين، وتضع الحكومة أمام اختبار جدي لتبني مقاربة شاملة تعالج المشكل من جذوره، بدل الاكتفاء بتدابير المراقبة اللاحقة.