الصحافة _ الرباط
عاش الشعب المغربي محنة حقيقية مع الكمامات بعد أن فرضتها الحكومة، لكن أغلب المواطنين لم يجدوها لا في متاجر البيع بالتقسيط حينما تم منح توزيعها لشركات توزيع الحليب، ولا حتى بعد الارتباك والتراجع عن هذا القرار ومنح حق توزيعها للصيدليات، ولا زالت غير متوفرة في بعض الجهات، فما هي حقيقة “غياب” الكمامات؟ وما هي الجهة المسؤولة عن هذا التعثر في توزيعها؟
أسبوعية “الأسبوع الصحفي” تقصت ضمن عددهال الأخير، الأمر من المصنع إلى المستهلك، وحاولت أن تبحث عن حلقة مفقودة في هذه السلسلة، وفي هذا السياق، كشفت أن الوزير العلمي قرر تكليف شركة خاصة في ملكية إمبراطور مالي مقرب(..) يشتغل في مجالات التغذية ولا علاقة له بتوزيع الأدوية أو المواد الشبه طبية أو الكمامات، حيث أن الشركة المحظية هي الوحيدة اليوم التي تجمع الكمامات مباشرة من المصانع، وتضعها في مخازنها الثمانية على مستوى التراب الوطني، قبل أن تحيلها على شركات توزيع الأدوية والتي تفوق 30 شركة عبر مختلف التراب الوطني لتوزعها بدورها على الصيدليات.
وكشفت أسبوعية “الأسبوع الصحفي” ،أن العدد المحدد من الكمامات، أي “الكوطة” الخاصة بكل شركة لتوزيع الأدوية، تحددها وزارة الصناعة والتجارة كل يوم، وهي “الكوطة” التي تكون قليلة جدا، وينتظرها الموزع بلهفة وشغف، ويذهب كل موزع للأدوية يوميا إلى “شركة صديق الوزير”، ويؤدي مسبقا ثمنها عبر الشيك قبل تسلم حصته الضئيلة جدا، ليقوم في الحين بتوزيعها على الصيدليات وسط احتجاجات هؤلاء من النسب القليلة التي يتوصلون بها مقارنة مع حجم الطلب.
ووفقا لذات المنبر الإعلامي، فإن شركات توزيع الأدوية تحتج على النسب القليلة التي تتوصل بها من شركة الوساطة بينها وبين المعامل، وتقوم بتوزيعها في حينه على الصيدليات، ومستعدة اليوم لنشر الفواتير التي ستبين حجم مقتنياتها من هذه الكمامات، ومدى توزيعها كلها على الصيدليات، لذلك، ومادام التوزيع من شركات الأدوية يكون كاملا بهدف استرجاع مبالغهم التي دفعوها لـ”الشركة المحتكرة”، ومادامت الصيدليات تطالب بالمزيد من الكمامات التي نفذت من محلاتهم، فأين إذن هي ملايين الكمامات التي يصرح الوزير بأن المغرب صنعها ووزعها؟ هل بقيت في مخازن المصنع، أم في مخازن صاحب الوزير العلمي، أم في مخازن شركات توزيع الأدوية التي تقول أنها سلعة دفعت ثمنها “كاش” لماذا ستحتفظ بها لتبور، أم في الصيدليات التي لم تجد ما تبيعه للزبناء؟ هذه الأسئلة تتطلب تحقيقا عاجلا من النيابة العامة، قصد الكشف عن مصير الكمامات ومكان تواجدها، لأن الأمر هنا يمس صحة وسلامة المواطنين في ظروف الحجر الصحي وانتشار وباء “كورونا”، وعلى الجميع تحمل مسؤوليته أمام الوطن في هذه المحنة الدقيقة التي تمر منها البلاد.
في سياق الجدل حول الكمامات، كتب برلماني حزب الأصالة والمعاصرة، هشام المهاجري، تدوينة مثيرة للجدل، قال فيها: ((بلغني من أحد المصنعين، أن عملية تصنيع وتوزيع الكمامات يساهم فيها صندوق “كورونا” تقريبا بـ 50 سنتيما لكل وحدة، يعني أن المصنع يبيعها بدرهم للوحدة يدفع الموزع 50 سنتيما تضاف إليها 10 سنتيمات للموزع و20 سنتيما لتاجر التقسيط، وتباع بـ 80 سنتيما، والفرق يستخلص من صندوق كورونا بعملية حسابية، وتبعا لتصريحات السيد الوزير، ننتج 6.8 مليون كمامة فاليوم، يعني مساهمة الصندوق بـ 340 مليون سنتيم يوميا، وهذا الرقم سيعطينا ما يناهز 10 ملايير سنتيم في الشهر، ومعظم المغاربة لازالوا يطرحون السؤال: فين الكمامة؟ وأنا اليوم أطرح سؤال: وافين مشات الفلوس؟ نعم، جلالة الملك نصره الله أعطى تعليماته لدعم هذه العملية لتصل للمواطن المغربي، ولكن السيد الوزير شخصيا بعد أيام قليلة فقط، يبحث اليوم عن 17 مليون وحدة خرجت من المصانع ولم تصل بعد للمستهلك، يعني 850 مليون سنتيم تبخرت وما خفي أعظم.. ربما يجب التفكير في طريقة أخرى لدعم القطاع مع مزيد من الشفافية والتتبع لأموال الدعم المرصودة من صندوق المغاربة ملكا وشعبا كدعم المواد الأولية المستعملة في الصناعة بلون معين ورمز معين يستعمل خصيصا لصناعة الكمامات، وللأسف بالمغرب، أي مجال فيه الدعم من المال العام تجد فيه كل أساليب التحايل والتواطؤ للربح السريع. أتمنى من السيدين الوزيرين، وخصوصا سي بنشعبون، الذي أبان دائما عن كفاءة عالية في التدقيق والبحث عن الحلول الفعالة لحماية المال، أن يجد وصفة تمكننا من توفير ودعم هذه الصناعة، وكذلك الاستعمال الجيد للأموال المخصصة لتدبير جائحة “كورونا”، لأن البعض يقرؤها للأسف: “صندوق كولونا”)).. فهل يجيب الوزير العلمي عن هذه الإشكالات؟