الصحافة _ كندا
تشهد الساحة الدولية حراكًا سياسيًا قد يفضي إلى تعزيز الدعم للقضية الوطنية المغربية، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات في كندا والمملكة المتحدة. التغيرات المحتملة في القيادات السياسية لهاتين الدولتين تحمل في طياتها فرصًا جديدة للمغرب لتعميق شراكاته الاقتصادية والدبلوماسية، وإعادة تموضعه على خارطة التحالفات الدولية.
بعد قرابة عقد من قيادة جاستين ترودو للحكومة الكندية، يبدو أن الحزب الليبرالي الاشتراكي يواجه خطر فقدان الحكم. تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تصدر الحزب المحافظ بقيادة بيير بويليفير بنوايا تصويت تصل إلى 45% في الانتخابات الفيدرالية المزمع إجراؤها في أكتوبر 2025. وصول المحافظين إلى الحكم قد يحمل توجهات سياسية أكثر انفتاحًا على مواقف داعمة للمغرب، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الصحراوية. هذه المرحلة الجديدة تمثل فرصة ذهبية لتعزيز العلاقات الثنائية بين الرباط وأوتاوا، بما يشمل ملفات التجارة، الاستثمار، والقضايا الاستراتيجية المشتركة.
على الضفة الأخرى من الأطلسي، يبدو أن المملكة المتحدة على أعتاب تغيرات جذرية في المشهد السياسي. مع تراجع ثقة الشعب البريطاني في حزب العمال بقيادة كير ستارمر، وظهور حزب الإصلاح بزعامة نايجل فاراج كقوة سياسية صاعدة، يُتوقع أن يُحدث هذا الحزب انقلابًا في المشهد الانتخابي. استطلاعات الرأي تشير إلى احتمال تقدم حزب الإصلاح بنسبة 26% من الأصوات، متجاوزًا المحافظين وحزب العمال. هذا التحول قد يدفع المملكة المتحدة إلى إعادة تقييم مواقفها تجاه قضايا دولية رئيسية، من بينها قضية الصحراء المغربية، وهو ما يمكن استثماره دبلوماسيًا لتعزيز الدعم البريطاني للموقف المغربي.
التغيرات السياسية في كندا والمملكة المتحدة لا تحمل فقط أبعادًا دبلوماسية، بل تفتح أيضًا آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي. يمكن أن يشهد المستقبل القريب شراكات تجارية واستثمارية قوية، بالإضافة إلى تعاون أمني أكبر في محاربة الإرهاب والتطرف، خاصة في منطقة شمال إفريقيا التي تُعدّ محورًا استراتيجيًا في السياسات الأمنية لكلا الدولتين.
في ظل هذه التحولات، يصبح على المغرب تكثيف جهوده الدبلوماسية لاستثمار اللحظة السياسية الراهنة. ينبغي العمل على بناء تحالفات استراتيجية جديدة تضمن تعزيز الاعتراف بسيادته على الصحراء المغربية، مع التركيز على الاستفادة من التوجهات السياسية الجديدة في كندا والمملكة المتحدة. الدبلوماسية المغربية مدعوة لإظهار مرونة واستباقية في التعامل مع هذه المتغيرات، لضمان تحقيق مكاسب دبلوماسية ملموسة على الساحة الدولية.
المرحلة القادمة تحمل في طياتها فرصًا تاريخية قد لا تتكرر. على المغرب أن يستعد لدخول هذه الحقبة بحنكة دبلوماسية ووضوح في الرؤية، لضمان تعزيز مكانته الدولية وترسيخ دعمه الوطني في قضايا السيادة والتنمية.