الصحافة _ كندا
حذّر تقرير بثّته إذاعة RFI الفرنسية من موجة غير مسبوقة من خطابات الكراهية والتمييز ضد المهاجرين الأفارقة على منصات التواصل الاجتماعي بالمغرب، واصفاً السياق الحالي بأنه يشهد استيراداً لمفاهيم اليمين المتطرف الأوروبي والأمريكي، من قبيل “الإحلال الكبير” و”الغزو المهاجر”، مع إعادة تدويرها في الخطاب العمومي المغربي بشكل مثير للجدل.
التقرير استند إلى معطيات صادرة عن “مجموعة مناهضة العنصرية لمرافقة والدفاع عن المهاجرين” (GADEM)، التي عبّرت عن قلقها من اتساع رقعة حملات الوصم والمحتويات المضللة الموجهة ضد المهاجرين الأفارقة المقيمين بالمملكة، معتبرة أن هذه الدينامية ليست عفوية، بل تمثل “محاولة منظمة للتأثير على الرأي العام”، من دون أن تحدد الأطراف التي تقف وراءها.
وربطت المجموعة هذه الموجة بما وقع في إسبانيا خلال يونيو الماضي، حين تعرض مهاجرون مغاربة لاعتداءات في مدينة “توري باتشيكو”، معتبرة أن المنطق التحريضي الذي غذّى تلك الأحداث هو نفسه الذي يحرّك المشهد المغربي الحالي.
في السياق ذاته، أدانت دنيا مسفرسر، رئيسة “شبكة الصحفيين المغاربة للهجرة”، هذه الحملات، ودعت الإعلام الوطني إلى تحمل مسؤوليته في تفكيك خطابات التحريض عبر نقل الأخبار في سياقها الكامل، والقيام بعمل ميداني يواجه الأخبار الكاذبة ومحاولات التهويل الممنهجة المرتبطة بملف الهجرة. وكشفت الشبكة، وفق التقرير ذاته، عن نتائج دراسة أنجزتها حول التغطية الإعلامية لقضايا الهجرة، بيّنت هيمنة المقاربة الأمنية وغياب أصوات المهاجرين عن المشهد الإعلامي، معتبرة أن ذلك يستدعي إصلاحاً عميقاً في معالجة هذا الملف.
ويأتي هذا التحذير في ظل حملة رقمية شرسة اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي في المغرب خلال الأسابيع الأخيرة، ترافقت مع دعوات علنية لترحيل المهاجرين الأفارقة، خصوصاً بعد تداول مقاطع فيديو نُسبت إليهم توثق اعتداءات أو فوضى أو احتلال فضاءات عامة كالشواطئ، إضافة إلى حوادث تخريب. ورغم أن جمعيات إفريقية بالمغرب سارعت إلى تبرئة الجاليات المقيمة والتشكيك في صحة تلك المقاطع، إلا أن الجدل ظل مشتعلاً، وسط مخاوف من تحوّل الخطاب الرقمي إلى بيئة خصبة للتحريض والتوترات الاجتماعية.
إن هذه الظاهرة تكشف أن الأمر يتجاوز مجرد ردود فعل آنية على حوادث متفرقة، ليعكس تقاطعات مع أنماط التعبئة الرقمية التي عرفتها أوروبا خلال العقد الأخير، حيث جرى توظيف المخاوف المرتبطة بالهجرة في تعبئة سياسية واجتماعية. غير أن خصوصية السياق المغربي تضيف أبعاداً جديدة، أبرزها تداخل البعد الأمني، والتوترات الاجتماعية، والهشاشة الاقتصادية، مما يجعل أي انفلات في الخطاب العلني خطراً على التماسك المجتمعي.
السؤال المطروح اليوم: هل ستتعامل الدولة والفاعلون المدنيون والإعلام مع هذه الموجة باعتبارها جرس إنذار يستوجب المعالجة الشاملة، أم أنها ستُترك لتتحول إلى أزمة ثقة وتعايش قد تنفجر في أي لحظة؟