الصحافة _ كندا
في خطوة غير معلنة تعكس توجهًا استراتيجيًا جديدًا، شرع بنك المغرب خلال الأسابيع الماضية في تنفيذ اختبارات عملية على عملة رقمية سيادية مغربية، وسط تكتم شديد، تمهيدًا لإطلاق “الدرهم الرقمي” خلال الأشهر المقبلة، في انسجام مع التحولات المتسارعة التي يشهدها النظام المالي العالمي.
وبحسب مصادر مطلعة، أنهى البنك المركزي أول تجربة ميدانية همّت محاكاة عمليات أداء مالي بين الأفراد عبر تقنية “نظير إلى نظير” (P2P) داخل بيئة رقمية مغلقة وآمنة، بهدف اختبار مدى أمان النظام، وسهولة استخدامه، وفعاليته من حيث كلفة المعاملات وسرعة التنفيذ.
التجربة الثانية، والتي تُوصف بالأكثر طموحًا، ما تزال جارية، وتشمل اختبار قابلية استخدام العملة الرقمية في التحويلات العابرة للحدود، في إطار شراكة تقنية مع البنك المركزي المصري، وبدعم من خبراء ماليين دوليين من مؤسسات مثل البنك الدولي. وتستهدف هذه المرحلة بناء منصة تبادل مباشر بين البنوك المركزية الإفريقية، كبديل للأنظمة التقليدية البطيئة والمكلفة.
المعطيات المتوفرة تفيد بأن بنك المغرب يعكف على بلورة تصور استراتيجي متكامل حول العملة الرقمية، يشمل انعكاساتها على السياسة النقدية، واستقرار الأسعار، والبنية التحتية للقطاع المالي، فضلًا عن تحديات السيادة الرقمية والتشريع. وقد تم الانتهاء من إعداد مسودات أولية لمذكرات قانونية وتقنية، استعدادًا لأي قرار رسمي بإطلاق الدرهم الرقمي على نطاق وطني.
في السياق ذاته، تستعد السلطات المالية لعرض مشروع قانون جديد أمام الحكومة، لتقنين الأصول المشفّرة مثل “بيتكوين” و“إيثيريوم”، وحماية الاقتصاد الوطني من مخاطر غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، والاحتيال السيبراني، مع تعزيز الشفافية في سوق المعاملات الرقمية.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن الإعلان الرسمي عن الدرهم الرقمي قد يتم مع نهاية سنة 2025 أو بداية 2026، رهينًا باستكمال جميع التجارب والمصادقة على الإطار القانوني والتنظيمي، في ما يُنتظر أن يكون أحد أكبر التحولات المالية في تاريخ المغرب الحديث.