الصحافة _ كندا
مشهد الطوابير الطويلة أمام محل التحلية المصري “بلبن” في الدار البيضاء لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة استراتيجية ذكية جمعت بين الجودة العالية والسعر المناسب، إلى جانب تقديم تجربة جديدة وغير مألوفة في عالم الحلويات، وهي معادلة ناجحة افتقدتها أغلب محلات الأكل والمقاهي والمطاعم والمحلبات في المغرب، التي لا تزال تعاني من الركود التجاري بسبب تمسكها بأساليب تقليدية عقيمة.
المستهلك المغربي تغيّر، ولم يعد يشتري لمجرد الحاجة، بل أصبح يبحث عن منتج يستحق ثمنه، وهو ما وفره المحل المصري، بعكس المحلات المحلية التي لا تزال تقدم منتجات متواضعة بأسعار مبالغ فيها، معتقدة أن الزبون لا خيار أمامه. لكن الواقع أثبت أن الخيارات باتت كثيرة، والمستهلك أصبح أكثر وعيًا وانتقائية، ولم يعد يرضى إلا بالجودة مقابل السعر العادل.
تقديم حلويات بنكهات غير مألوفة ساهم في جذب المستهلك المغربي، حيث يدفعه الفضول إلى تجربة كل ما هو جديد، خاصة إذا كان مصحوبًا بحملة تسويقية ذكية تجعل منه حديث الساعة. “بلبن” لم ينتظر الزبائن، بل صنع هالة حول منتجاته عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعروض ترويجية مغرية، ما جعله وجهة مفضلة لعشاق الحلويات. في المقابل، لا تزال العديد من المحلات المغربية تعتمد على نفس المنتجات التقليدية دون تطوير، مكتفية بالزبائن القدامى دون التفكير في توسيع قاعدة زبنائها، كما أن غياب ثقافة التسويق الفعّال يفاقم الأزمة، إذ لا يدرك كثير من أصحاب هذه المحلات أن التسويق لم يعد رفاهية، بل ضرورة أساسية لنجاح أي مشروع.
إن أراد هؤلاء رؤية طوابير مماثلة أمام محلاتهم، فعليهم إعادة النظر في طريقة عملهم، والاقتناع بأن الجودة، الأسعار المناسبة، الابتكار، والتسويق الفعّال هي مفاتيح النجاح. أما الاستمرار في الأساليب التقليدية نفسها، فلن يؤدي إلا إلى مزيد من التراجع، بينما يواصل الآخرون تحقيق النجاح بأفكار بسيطة لكنها مؤثرة.